القِسمُ الأوَّلُ: خُمسٌ واحدٌ فصَّلَهُ اللهُ في قوله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}.
وقد صحَّ عن ابنِ عبَّاسٍ: أنَّ هذا الخُمُسَ يُقسَمُ على أربعةِ أخماسٍ، فقال: كانتِ الغنيمةُ تُقسَمُ على خمسةِ أخماسٍ، فأربعةٌ منها لِمَنْ قاتَلَ عليها، وخُمُسٌ واحدٌ يُقسَمُ على أربعةٍ: فرُبُعٌ للهِ والرسولِ ولذي القُرْبَى؛ يعني: قَرَابةَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فما كان للهِ والرسول، نهو لقَرابةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يأخُذِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن الخُمُسِ شيئًا، والرُّبُعُ الثاني لليَتَامى، والرُّبُعُ الثالث للمساكين، والرُّبُعُ الرابعُ لابنِ السبيلِ.
رواهُ عليٌّ عنه؛ أخرَجَه ابنُ جريرٍ، وابنُ أبي حاتمٍ (١).
ومنهم: مَن جعَلَ الخُمُسَ كلَّه لله، يَفعَلُ به نبيُّه ما شاءَ، وفي حُكْمِ نبيِّه إمامُ المُسلِمينَ بالعَدْل، ويكونُ تصرُّفُهُ فيه بالمصلحةِ كما يتصرَّفُ في الفَيْء، وإنَّما ذكَرَ اللهُ الأسماءَ؛ لبيانِ أَولى أهلِ الحقوقِ كرسولِ اللهِ وقَرابتِهِ واليتامى والمساكينِ وابنِ السبيلِ؛ وليس هذا على سبيلِ الحصرِ.
وهدا القولُ الذي تجتمِعُ عليه أقْوالُ أكثرِ السلف، ويُستدَلُّ بما صحَّ عندَ البيهقيّ، عن عبد اللهِ بنِ شَقِيقٍ، عن رجُلٍ مِن بَلْقَيْنِ؛ قال: أتيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِوَادِي الْقُرَى، وَهُوَ يَعْرِضُ فَرَسًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، مَا تَقُولُ فِي الْغَنِيمَةِ؟ قَالَ: (للهِ خُمُسُهَا، وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ لِلْجَيْشِ)، قُلْتُ: فَمَا أَحَدٌ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَ: (لَا، وَلَا السَّهْمُ نَسْتَخْرِجُهُ مِنْ جَنْبِكَ لَيْسَ أَنْتَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ أَخِيكَ المُسْلِمِ) (٢).
وهذا الصحيحُ الذي يُوافِقُ مجموعَ الأدلَّةِ في أنَّ الخُمُسَ لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ولإمامِ المُسلِمِينَ، يُعْطِيهِ الأحَقَّ فالأَحَقَّ، والأَحْوَجَ
(١) "تفسير الطبري" (١١/ ١٩١)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٥/ ١٧٠٥).
(٢) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٣٢٤).