أبو يوسفَ، ومِن الشافعيَّةِ الإصْطَخْريُّ، ورجَّحَهُ ابنُ تيميَّةَ، وليستْ حُرْمةُ الصدَقةِ على ذوي القُربى كحُرْمةِ المَيْتَةِ على الناس، وقد أحَلَّها اللهُ لكلِّ مُضطرٍّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ.
أخذُ ذوي القُرْبى للزكاةِ الواجبة:
ولا خلافَ عندَ العلماءِ أنَّ الزكاةَ الواجِبةَ لا تَحِلُّ لآلِ بيتِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لِما ثَبَتَ في "الصحيحَيْنِ"، عنه - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: (أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ؟ ) (١)، والأحاديث بمنعِ أخذِهِمُ الزكاةَ مستفيضةٌ؛ جاء مِن حديثِ أبي هريرةَ وأنسٍ وأبي رافعٍ وعبدِ المُطَّلِبِ بنِ ربيعةَ، وقد حكى الإجماعَ غيرُ واحدٍ؛ كابنِ عبد البَرِّ وابنِ قُدَامةَ وغيرِهما.
أخذ ذوي القُربى لصدقةِ التطوُّعِ:
وأمَّا صَدَقاتُ التطوُّع، فلا حرَجَ عليهم في أخذِها في قولِ جمهورِ العلماء، ونُسِبَ إلى مذاهبِ الأئمَّةِ الأربعةِ.
وقد حكى ابنُ مُفْلِحٍ الإجماعَ على ذلك.
وفيه نظرٌ؛ فالخلافُ معروفٌ، ولأحمدَ قولانِ فيها نقَلَهُمَا ابنُ مُفلِحٍ؛ وذلك أنَّ عليًّا والعبَّاسَ وفاطمةَ وغيرَهم تصدَّقُوا، وأَوْفَفُوا أوقافًا على جماعةٍ مِن بني هاشمٍ وبني المُطَّلِب، والأصلُ أنَّ الزكاةَ والصدَقةَ مِن بني هاشمٍ كالزكاةِ والصدَقةِ مِن غيرِهم، فالنهيُ لم يفرِّقْ بينَهما، وقد فرَّقَ بينَهما بعضُ العلماءِ مِن أهلِ البيت، وبه قال ابنُ تيميَّةَ، وقد حمَل الشَّافعيُّ صدَقةَ عليٍّ والعباس وفاطمةَ على أنَّها صدَقةُ تطوُّعٍ لا فرضٍ، وهذا الظاهرُ، والشافعيُّ أعلَمُ بذلك؛ فهو مُطَّلِبِيٌّ.
(١) أخرجه البخاري (١٤٨٥)، ومسلم (١٠٦٩).