والثاني: مذمومٌ، وهو إرهابُ المؤمِنِ وتخويفُهُ، ويَلحَقُ بالمؤمِنِ صاحبُ الأمانِ والعهدِ والذِّمَّةِ مِن الكافرِينَ، وفي المسلم قد قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ أَشَارَ إلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، فَإِنَّ المَلَائِكَةَ تَلعَنُهُ حَتَّى يَدَعَهُ، وَإِنْ كَانَ أخَاهُ لِأَبيِهِ وَأُمِّهِ)، رواهُ مسلمٌ (١).
ويحرُمُ ترويعُ المؤمنِ وتخويفُهُ وإرهابُهُ ولو بالشيءِ اليسيرِ؛ كما عندَ أبي داودَ، عن عبد الرحمنِ بنِ أبي ليلى؛ قال: حدَّثَنا أصحابُ محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -؛ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَامَ رَجُل مِنْهُمْ، فَانْطَلَق بَعْصُهُمْ إِلَى حَبْلِ مَعَهُ فَأَخَدَهُ، فَفزعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا) (٢).
وفي السُّنَنِ؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (لَا يَأْخُذْ أَحَدُكُمْ عَصَا أَخِيهِ لَاعِبًا أَو جَادًّا، فَمَنْ أخَذَ عَصَا أَخِيه، فَلْيَرُدَّهَا إِلَيْهِ) (٣).
وقول اللَّهِ تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ}، فيه إشارةٌ إلى أنَّ اللهَ يحقِّقُ بقوةِ المؤمنينَ مَنافِعَ لا يُدرِكونَها بحِسِّهم، وَيدفَعُ عنهم شرورًا مِن عدوِّ لم يَحسِبُوا له حسابًا، وإنَّما يُخالِفُ ضعيفُ الإيمانِ ربَّه؛ لأنَّه يُدرِكُ مِن الظاهرِ شيئًا وَيَغيبُ عنه الباطنُ كلُّه أو جُلُّه؛ وهذا مِن ضَعفِ اليقينِ باللهِ؛ فاللهُ أمَرَ بإعدادِ العُدَّةِ للمشرِكِيِنَ الأبعَدِينَ بمَكَّةَ؛ لكسرِ شوكتِهم، وآخَرِينَ - وهم اليهودُ - مِن دُونِهم سينكسِرونَ تَبعًا يَتربَّصونَ بحقدٍ وعداوةٍ، لا يُدرِكُ المُسلِمونَ قَدْرَها وقوَّتَها لو تسلَّطُوا.
المَصَالِحُ والمَفَاسِدُ الباطِنةُ والظاهِرةُ اللازمةُ لأحكامِ اللهِ:
والمنافِعُ والمصالِحُ والمَضَارُّ والمَفاسِدُ التي يجعلُها اللهُ في لوازِمِ أوامرِهِ ونواهِيهِ على قسمَيْنِ:
(١) أخرجه مسلم (٢٦١٦).
(٢) أخرجه أبو داود (٥٠٠٤).
(٣) أخرجه الترمذي (٢١٦٠).