مشهورٌ لعبدِ اللهِ بنِ عمروٍ؛ فقد رواهُ أبو نُعَيْمِ في "الحِلْيةِ"، عن عبد اللهِ بنِ بَابَاهْ؛ قال: "جِئْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْروٍ بِعَرَفَةَ، وَرَأَيْتُهُ قَدْ ضَرَبَ فُسْطَاطًا فِي الْحَرَم، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: تَكُونُ صَلَاتِي فِي الْحَرَم، فَإِذَا خَرَجْتُ إِلَى أَهْلِي، كُنْتُ فِي الْحِلُّ" (١).
ورواهُ عبد الكريمِ الجَزَرِيُّ (٢) ومنصورٌ (٣)، عن مجاهِدٍ، عن عبد اللهِ بنِ عمرِوٍ؛ وهو صحيحٌ.
ورواهُ عه أيضًا عطاءٌ (٤)، وغيرُه.
وقد روى الطبريُّ، عن ابنِ جُرَيْجٍ؛ قال: قال عطاءٌ: "الحرَمُ كلُّه قِبْلةٌ ومسجدٌ؛ قال: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ}، لم يَعْنِ المسجدَ وحدَهُ، إنَّما عَنَى مَكَّةَ والحرَمَ؛ قال ذلك غيرَ مرَّةٍ" (٥).
وروى الأَزْرَقيُّ، عن عبد الجبَّارِ بنِ الوَرْدِ المَكَّيِّ؛ قال: سمِعتُ عطاءَ بنَ أبي رَبَاحٍ يقولُ: "المسجدُ الحَرَامُ الحَرَمُ كلُّه" (٦).
وقد حكى المُحِبُّ الطبريُّ في "القِرَى" الاتِّفاقَ على أنَّ حُكْمَ الحَرَمِ ومكَّةَ في ذلك سواءٌ: (٧)، وقد ذكَرَ في "الفروعِ" (٨): أنَّ ظاهرَ كلامِ أصحابِ أحمدَ أنه المسجدُ خاصَّةً، مع فضلِ الحرَمِ على الحِلّ، ورجَّحَهُ في "الآدابِ الشَّرعيَّةِ" (٩).
والأظهَرُ: عمومُ ذلك في الحرَمِ كلِّه، وأمَّا قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: (صَلَاةٌ فِيهِ
(١) "حلية الأولياء" (١/ ٢٩٠).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٨٨٧٠).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١٤٠٩٦).
(٤) أخرحه ابن المنذر في "الأوسط" (٥/ ١٧٩).
(٥) "تفسير الطبري" (١١/ ٣٩٨).
(٦) "أخبار مكة" للأزرقي (٢/ ٦٢).
(٧) "القِرَى, لقاصد أم القُرَى" (ص ٦٥٨).
(٨) "الفروع" (٢/ ٤٥٦).
(٩) "الآداب الشرعية" (٣/ ٤٢٩).