وروى معناهُ أبو عُبَيْدٍ والبيهقيُّ؛ من حديثِ الحسنِ عن سَمُرَةَ (١).
ومَن وجَدَ نباتًا في الأرضِ - ولو كان ممَّا لا تشتهيهِ النفسُ، ولا يضُرُّ أكلُهُ - فإنَّه يأكُلُهُ، ويحرُمُ عليه أكلُ المَيْتةِ، ومِثلُ ذلك مَن وجَدَ حَشَراتِ الأرضِ التي لا تُستخبَثُ؛ كالجرادِ وشِبْهِهِ.
ويُروى هذا عن عمرَ بنِ الخطابِ، سُئل: متى تَحِلُّ لنا المَيْتةُ؟ فقال عمرُ: إذا وجَدتَّ قِرْفَ الأرضِ فلا تَقرَبْها، قال: فإنِّي أجِدُ قِرْفَ الأرضِ وأجدُ حشراتِها؟ قال: كفَاكَ كفَاك (٢).
وقِرْفُ الأرضِ: أيْ: ما يُقْتلَعُ مِن البَقْلِ والعُرُوقِ.
ومِن العلماءِ: مَن قيَّد جوازَ الاضطرارِ بأنْ يكونَ سببُ حصولِهِ أمرًا مباحًا، وألَّا يكونَ الإنسانُ اضطُرَّ بسببِ قطعِ السبيلِ والخروجِ على سلطانٍ عادلٍ.
روى الطَّبَريُّ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ}؛ يقولُ: "لا قاطعًا للسبيلِ، ولا مُفارِقًا للأئمَّةِ، ولا خارجًا في معصيةِ اللهِ؛ فله الرخصةُ، ومَن خرَجَ باغيًا أو عاديًا في معصيةِ اللهِ، فلا رخصةَ له وإنِ اضطُرَّ إليه" (٣). ورُويَ هذا عن سعيدٍ (٤).
وقد استدل أحمد بن حنبل بهذه الآية على أن المُحْرِم بحج أو عمرة إذا أدركه الجوع فاضطر إلى الصيد والميتة أنه يأكل الميتة ولا يصيد؛ لأن الله أحل الميتة (٥).
وهذا من أحمد لا يعني تحريم الصيد للمضطر، وإنما هو احتياط،
(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٩/ ٣٥٦). وينظر: "غريب الحديث" للقاسم بن سلام (١/ ٦١).
(٢) أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (٢/ ٦٨).
(٣) "تفسير الطبري" (٣/ ٥٩).
(٤) "تفسير الطبري" (٣/ ٥٩).
(٥) مسائل ابن هاني (٢/ ١٣٤)، وعبد الله (٢٣٤).