وسأَلَ نافعُ بن الأَزْرَقِ ابنَ عبَّاسٍ، فقال له: هل نجدُ ميقاتَ الصلواتِ الخَمْسِ في كتابِ اللهِ؟ قال: نَعَمْ؛ {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} الروم: ١٧: المغربُ، {وَحِينَ تُصْبِحُونَ} الروم: ١٧: الفجرُ، {وَعَشِيًّا} الروم: ١٨ العصرُ، {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} الروم: ١٨: الظُّهْرُ، قال: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} النور: ٥٨ (١).
وصحَّ عن قتادةَ وابنِ زيدٍ؛ أنَّهما جعَلَاها دليلًا على أربعةِ مواقيتَ، هي: المغربُ والفجرُ والعصرُ والظُّهْرُ (٢).
وحمَلَ غيرُ واحدٍ مِن السلفِ التسبيحَ على الصلاةِ في قولِه تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} طه: ١٣٠.
وفي آيةِ البابِ: بيانُ وجوبِ أداءِ الصلواتِ في وقتِها، وأنَّ أداءَ الصلاةِ في غيرِ وقتِها لا يحقِّقُ فَضْلَها مِن كَسْبِ الحسناتِ وتكفيرِ السيِّئات، وكلَّما كانتِ الصلاةُ في وقتِها، كان ذلك أعظَمَ للأجرِ وأكبَرَ للأثر، وقد سُئِل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن أفضَلِ العملِ؟ فقال: (الصَّلَاةُ عَلَى وَقتِهَا) (٣).
وعامَّةُ المفسِّرينَ: أنَّ المرادَ بصلاةِ طرَفِ النهارِ الأوَّلِ هي صلاةُ الفجر، ولا يَختلِفونَ في هذا، وإنَّما يَختلِفونَ في طرَفِ النهارِ الآخَرِ وصلاةِ الزُّلَفِ مِن الليل، وهذا يدُلُّ على فضلِ الفجرِ على غيرِها، وكونِها مشهودةً؛ كما في قولِهِ تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} الإسراء: ٧٨.
وقد قال ابنُ عبَّاسٍ في قولِهِ تعالى: {طَرَفَيِ النَّهَارِ}: "إنَّ المرادَ بالصلاةِ هنا هي المغرِبُ والفجرُ"؛ كما رواهُ عنه عليُّ بن أبي طلحةَ (٤)، وبنحوِه رُوِيَ عن الحسنِ البصريِّ (٥).
(١) "تفسير الطبري" (١٨/ ٤٧٤).
(٢) "تفسير الطبري" (١٨/ ٤٧٥).
(٣) أخرجه البخاري (٥٢٧)، ومسلم (٨٥).
(٤) "تفسير الطبري" (١٢/ ٦٠٣).
(٥) "تفسير الطبري" (١٢/ ٦٠٣).