عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: "اذْهَبْ فَهُوَ حُرٌّ، وَلَكَ وَلَاؤُهُ، وعَلَينَا نَفَقَتُهُ" (١).
وأمَّا الإشهادُ على اللقيط، فمُخلَفٌ فيه عندَ الفقهاءِ على قولَيْن، هما وجهانِ في مذهبِ الحنابلة، وجمهورُ الفقهاءِ: على وجوبِ الإشهادِ؛ لأنَّه به يُحفَظُ النَّسَبُ والمالُ وسائرُ الحقوقِ.
الغَبْنُ في البَيْعِ وأنواعُهُ:
ومِن قوله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} أخَذَ بعضُهُمْ جوازَ شراءِ الشيءِ عظيمِ القيمةِ بثمنٍ بَخْسٍ، وأنَّه بيعٌ لازمٌ؛ وهذا داخلٌ في مسألةِ الغَبْنِ في البيع، وهو بيعُ الشيءِ بأقلَّ مِن قيمتِه؛ وسببُ ذلك: الجهلُ، أو النِّسْيانُ والغَفْلةُ، أو ضَعْفُ الخبرةِ.
وقد جاء في الشريعةِ نهيٌ عن أسبابِ الغَبْنِ:
منها: النهيُ عن تلقِّي الرُّكْبَانِ والجَلَبَ، وعن بيعِ الحاضِرِ للبَادِي، وعن بيعِ النَّجْشِ؛ لأنَّه يَعُرُّ بطلبِ السلعة، فيُخدَعُ الناسُ فيَزيدونَ فيها؛ يَظُنُّونَ أنَّ السلعةَ مرغوبةٌ بما يَسمعونَ مِن زيادةِ قيمتِها.
ومن ذلك: نَهْيُ الشريعةِ عن الغِشِّ والتغريرِ بالوصفِ؛ لأنَّ ذلك يزيدُ في قيمةِ السلعةِ عن حقيقتِها، ليَقَعُ الغَبْنُ.
ومِن ذلك: نهيُ الشريعةِ عن الاحتكارِ ممَّا يَدفعُ الناسَ لاضطرارِ شرائِها بأغلى مِن قيمتِها.
والقاعدةُ: أنه إذا كَثُرَ تحريمُ الوسائل، فإنَّه يدُلُّ على شدَّةِ تحريمِ الغايةِ والمَقصَد، وتعظُمُ المقاصدُ مع شِدَّةِ تحريمِ وسائلِها؛ فقد نهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن وسائلَ كثيرةٍ تُفضي إلى الغَبْنِ؛ فدَلَّ على أنَّ الغَبْنَ أشدُّ؛ لأنَّ الغايةَ أخطَرُ مِن الوسيلةِ.
(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٧٣٨).