وجوهِ العلةِ في المحرَّماتِ كما هو في العَرَايَا، والحنفيَّة لا يُجيزونَ العرايَا، كما لا يُجيزونَ الجِعَالةَ.
ونقَلَ الطحاويُّ وغيرُه حُجَّةَ الحنفيَّةِ: أنَّ حديثَ جوازِ العرايَا هو في الهبةِ والهديَّةِ؛ وهذا لا يُوافِقُ ظاهرَ الحديثِ، ولا اصطلاحَ السلفِ.
والجِعَالةُ هي نوعٌ مِن أنواعِ الإجارةِ، ولكن ثَمَّةَ فروقٌ بينَهما:
وذلك أنَّ الإجارةَ عقدٌ لازمٌ لا يجوزُ فسخُهُ، بخلافِ الجِعَالةِ فليست عقدًا لازمًا.
وكذلك فإنَّه في الجِعَالةِ لا يجوزُ اشتراطُ تعجيلِ الأجرِ قبلَ العملِ الذي به يستحقُّهُ، بخلافِ الإجارةِ فيجوزُ تقديمُ الأجرِ.
والجِعَالةُ فيها احتمالُ الغَرَرِ والجهالةِ في العمل، بخلافِ الإجارةِ فلا بدَّ أن يكونَ العملُ فيها معلومًا.
والمنفعةُ في الجِعَالةِ لا يستحقُّها المالكُ إلَّا بعدَ تمامِ العملِ وإنجازِهِ، بخلافِ الإجارةِ فينتفِعُ المستأجِرُ بجزءٍ مِن العملِ.
ولا يَلزَمُ في الجِعَالةِ حضورُ المُتعاقِدَيْنِ، بخلافِ الإجارةِ فلا بدَّ مِن معرفةِ أحدِهما للآخَر، أو معرِفةِ مَن يقومُ مقامَهما، فمَن أحضَرَ صُوَاعَ المِلْكِ ليوسُفَ، استحَقَّ حِمْلَ البعيرِ ولو لم يكنْ معروفًا ليوسُفَ ولا خَوَّلَهُ يوسُفُ بعَيْنِهِ.
وقولُه تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} دليلٌ على وجوبِ أن يكونَ الجُعْل معلومًا، فلا يصحُّ أن يكونَ الجُعْلُ مجهولًا؛ كمَن يقولُ: مَن جاء بكذا وكذا، فله شيءٌ، لا يُسمِّيهِ.
حُكْمُ الضَّمَانِ:
قولُهُ تعالى: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} الزعِيمُ هو الضامنُ والكفيلُ؛ كقولِهِ