يبغي دِينَهُ وشريعتُهُ وَصَدَّ النَّاسِ عن اتِّباعِه؛ كما فَعَل بكعبِ بنِ الأَشْرَفِ وأَمْثَالِه.
* * *
* قال تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} يوسف: ٨٤.
بكَى يَعْقُوبُ وهو نبِيٌّ على ولدِهِ يوسُفَ، وبكى النبيُّ محمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- على ولدِهِ إِبراهيمَ (١)، وبكى عنْدَ مَوْتِ إحدى بناتِهِ أثناءَ دَفْنِها (٢)، والحديثانِ في الصحيحِ مِن حَديثِ أَنَسٍ.
وبكى أيضًا -صلى اللَّه عليه وسلم- عندَ وفاةِ حفيدِهِ ابنِ إِحْدى بنَاتِه؛ كما في "الصحيحَيْنِ" مِن حديثِ أسامةَ بنِ زيدٍ (٣).
وقد زارَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قبرَ أُمِّهِ، فبَكَى وأبكَى مَنْ حولَهُ؛ كما في مسلمٍ؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ (٤).
وفي هذا: دليلٌ على جوازِ البُكَاءِ على الميِّت، وعدمِ الحرَجِ فيما يَغلِبُ النَّفْسَ مِن الحُزْنِ.
وإنَّما طال حزنُ يعقوبَ ولم يطُلْ حزنُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنَّ يُوسُفَ غائبٌ يُرجَى في الدُّنيا، وإبراهيمَ ميِّتٌ لا يُرجَى فيها.
وأمَّا الأحاديث الواردةُ في أنَّ الميِّتَ يُعذَّبُ ببكاءِ أهلِهِ عليه، منها حديثُ ابنِ عمرَ في "الصحيحَيْنِ" (٥)، فذلك محمولٌ على ما كانتْ تفعلُهُ
(١) أخرجه البخاري (١٣٠٣)، ومسلم (٢٣١٥).
(٢) أخرجه البخاري (١٢٨٥).
(٣) أخرجه البخاري (١٢٨٤)، ومسلم (٩٢٣).
(٤) أخرجه مسلم (٩٧٦).
(٥) أخرجه البخاري (١٢٨٦)، ومسلم (٩٢٨).