وكفَّارتِها، عندَ فولِهِ تعالى في آلِ عِمْرانَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ} ٧٧، والمائدةِ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} المائدة: ٨٩.
* * *
* قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)} النحل: ٩٨.
أمَرَ اللَّهُ بالاستعاذةِ مِن الشيطانِ عندَ قراءةِ القرآنِ؛ لأنَّ الشيطانَ مع كُرْهِهِ للذِّكْرِ ونفورِهِ منه، إلَّا أنَّه يَتسلَّطُ على العبدِ باستحضارِ معاني السُّوءِ ومتُشابهاتِ القرآنِ ابتغاءً للفتنةِ منه، فيَصرِفُهُ عن التدبُّرِ والتفكُّرِ.
والاستعاذةُ ليستْ آيةً في أوائلِ السُّوَرِ، وليس كلامُ السلفِ فيها كالبسملةِ؛ وإنَّما الاستاذةُ دعاءٌ والْتِجاءٌ مِن العبدِ لربِّه عندَ قراءتِهِ القرآنَ.
حُكْمُ الاستعاذةِ عندَ القِرَاءةِ:
ويُشرَعُ عندَ استفتاحِ الصلاةِ بالفاتحةِ أن يستعيذَ القارئُ مِن الشيطانِ الرجيم، ولا خلافَ في ذلك، وإنَّما خلافُ السلفِ في وجوبِ الاستعاذةِ عندَ ذلك على قولَيْنِ؛ هما روايتان عن أحمدَ:
فذهَبت طائفةٌ: إلى الوجوبِ؛ وهو قولُ عطاءٍ والثوريِّ والأوْزاعيِّ وداودَ، وهو روايةٌ عن أحمدَ اختارَها ابنُ بَطَّةَ مِن أصحابِنا، وقد حمَلُوا الأمرَ في الآيةِ على الوجوبِ، ومِن السلفِ: مَن يَرى وجوبَ الاستعاذةِ ولو مَرَّةً في العمرِ؛ فيرَوْنَ المَرَّةَ مُسقِطةً للوجوبِ.
وذهَبتْ طائفةٌ: إلى استحبابِ التعوُّذِ عندَ ذلك؛ وهو قولُ أكثرِ العلماءِ, وهو المذهبُ عندَ أحمدَ.