واختُلِفَ في الاستثناءِ في غيرِ اليمِينِ؛ كالطلاقِ والعَتَاق، وعن أحمدَ ثلاثُ رواياتٍ:
إحداها: أنَّ الاستثناءَ يصحُّ فيها كاليمينِ؛ وبهذا قال أبو حنيفةَ والشافعيُّ.
وثانيتها: أنَّ الاستثناءَ لا يصحُّ إلَّا في اليمينِ؛ وبهذا قال مالكٌ والأوزاعيُّ.
وفي ثالثةٍ: أنَّه توقَّفَ، وعلى هذا أكثرُ الرواياتِ عنه.
ولا يصحُّ الاسثناءُ بالقَلْب، بل لا بدَّ مِن النُّطْقِ به في قولِ العلماءِ كافَّةً، خلافًا لبعضِ الفقهاءِ مِن أصحابِ مالكٍ، حيثُ جعَلُوا قياسَ قولِ مالكٍ صحةَ الاستثناءِ بالنِّيَّةِ.
ومَن عادتُهُ في يمينِهِ أنَّه يَستثنِي، وحلَفَ ونَسِيَ ماذا قال، وشَكَّ في استثنائِه، فيُحمَلُ على عادتِهِ ويُعتبَرُ مستثنيًا، وعكسُهُ بعكسِه.
* * *
* قال تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (٣٩)} الكهف: ٣٩.
في هذا: مشروعيَّةُ قولِ: {مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} عندَ رؤيةِ ما يَسُرُّ الإنسانَ ويُعجِبُهُ مِن النعيمِ والأشياءِ الحسَنةِ التي رُزِقَها العبدُ، وممَّا يُستحَبُّ كذلك الدُّعَاءُ بالبرَكةِ ممَّن يراها فيه مِن الناسِ.
الدُّعاءُ والذِّكْرُ المستحَبُّ عندَ رؤيةِ النعيمِ والفضلِ:
والواردُ عندَ رؤيةِ النعيمِ وما يَسُرُّ مِن الفضلِ قولانِ:
الأولُ لصاحبِ النعيمِ ومالكِهِ أنْ يقولَ: ما شاء اللَّه لا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ؛ ففي ذلك قال تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا