كما تُخمَّرُ الحيَّة، وتُدَرَّعُ مِن الخِمَارِ قَدْرَ ذِرَاعٍ تُسْدِلُهُ على وَجْهِها" (١).
وقال الفَرَزْدَقُ:
نِسَاءٌ بِالمَضَايِقِ مَا يُوَارِي ... مَخَازِيَهُنَّ مُنْتَقِبُ الخِمَارِ
وكذلك: فإن الخِمارَ يُسمَّى نَصِيفًا عندَ العربِ، وفي لغةِ الشرعِ؛ ولذا جاء في "الصحيحِ"؛ مِن حديثِ أنسٍ مرفوعًا: (لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِن نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ اطَّلعَتْ إِلَى الأَرْضِ، لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلَأَتْ مَا بَينَهُمَا رِيحًا، وَلَنَصِيفهَا -يَعْنِي: الخِمَارَ- خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) (٢)، وقد جاء في "المسنَدِ"، مِن حديثِ أبي هريرةَ تفسيرُ الخِمارِ بالنَّصيفِ صريحًا مِن قولِ أبي هريرةَ (٣).
والنَّصِيفُ -وهو الخِمارُ- تُطلِقُه العربُ على ما يُغطَّى به الوجهُ، وقد قال:
سَقَطَ النَّصِيفُ وَلَمْ تُرِدْ إِسْقَاطَهُ ... فَتَنَاوَلَتْهُ وَاتَّقَتنَا بِالْيَدِ
ويُستعمَلُ الخِمارُ لهذه الثلاثةِ أو بعضها، ولكنَّ أصلَ استعمالِ النساءِ للخِمارِ: أنَّ له محيطًا ووسطًا؛ يَبْدَأُ مِن الرأسِ ويُحيطُ به، ويَنزِلُ تَبَعًا على الكَتِفَيْنِ والوجهِ والصدرِ؛ كما قال ابنُ خُزَيمَةَ في "الصحيحِ": "الخِمارُ الذي تستُرُ به وجهَها، بل تُسدِلُ الثوبَ مِن فوقِ رأسِها على وجهِها" (٤).
وإنْ كشَفَتِ المرأةُ خِمارَها عن وَجْهِها لمَحْرَمِها، بَقِيَ مُحيطًا بوجهِها، وقد جاء في حديثِ مُسلمِ بنِ أبي حُرَّةَ؛ قال: "لمَّا حُصِرَ ابنً الزُّبَيْرِ، دخَلَ على أُمِّهِ أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ، فقَبَّلَها وقبَّلَ ما بينَ
(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٦٢٢٠).
(٢) أخرجه البخاري (٦٥٦٨).
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٤٨٣).
(٤) "صحيح ابن خزيمة" (٢/ ١٢٧٦).