قولِه تعالى: {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} الأعراف: ٨٥.
* * *
* قال تعالى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الشعراء: ٢١٨ - ٢٢٠.
جاء ذِكْرُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حينَ قيامِهِ وتقلُّبِهِ في الساجدِين، ورؤيةِ اللَّهِ له في ذلك؛ فمِن السلفِ مَن حمَل المعنى على تقلُّبِه في صُلبِ آبائِه؛ كما رُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ (١)، وجاء عن مجاهدِ أنَّه حمَلَ معنى قوله: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} على رؤيتهِ لمَن خَلْفَهُ وهو يصلِّي (٢).
وحمَلَ عِكْرِمةُ وقتادةُ وعطاءٌ الخُرَاسانيُّ قولَه: {حِينَ تَقُومُ} على صلاةِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- منفرِدًا، وقولَه: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} على صلاتهِ جماعةً مع المصلِّين (٣).
وفي هذا: مشروعيَّةُ أن يكونَ للعبدِ صلاةٌ منفرِدًا مع صلاتِهِ جماعةً مع المُسلِمينَ، يخلُو بانفرادِهِ بها بربِّه يُناجِيهِ؛ ليتطهَّرَ باطنُهُ مِن آثارِ رؤيةِ الخَلْقِ له وسماعِهم لذِكْرِه، فيكونُ في موضعٍ لا يَسمَعُهُ إلَّا اللَّهُ ولا يُبصِرُهُ إلَّا هو، وهذا إنِ احتاج إليه الأنبياءُ مع عِصْمَتِهم وطهارةِ قلوبِهم، فإنَّ حاجةَ غيرِهم آكَدُ وأعظَمُ.
وقد تقدَّم الكلامُ على حُكمِ الصلاةِ جماعة عندَ قولِه تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} البقرة: ٤٣.
* * *
(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٩/ ٢٨٢٨).
(٢) "تفسير الطبري" (١٧/ ٦٦٧)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٩/ ٢٨٢٩).
(٣) "تفسير ابن كثير" (٦/ ١٧١).