الإمام- يَفصِلُ في أمرِهم ويُقِيمُ الحدودَ ويأمُرُ ويَنهى، ما لم يكونوا في بلدٍ لا إمامَ أكبرَ فيه.
وولايةُ المرأةِ قد تحرُمُ لذاتِها، وقد تحرُمُ لِمَا تُفضي إليه:
أمَّا تحريمُها لذاتِها: فهي ما تقدَّمَ مِن الوِلَايةِ الكُبرى وما تجزَّأَ عنها مِن ولايةِ الإمامِ.
وأمَّا تحريمُها لِمَا تُفضي إليه: فكولايتِها الجائزةِ في ذاتِها، ولكنَّها تُفضي الى محَّرمٍ؛ كأنْ تُؤَدِّيَ إلى سفرٍ بلا مَحَّرَمٍ، أو اختلاطٍ بالرِّجالِ، أو بُروزٍ دائمٍ إليهم.
وأمَّا ما ينقُلُه بعضُهم أنَّ عمرَ وَلَّى الشِّفَاءَ الحِسْبةَ على السوقِ، فليس لهذا أصلٌ، وقد أنكَرَهُ ابنُ العَرَبيِّ، وقال: "هو مِن دسائسِ المُبتدِعةِ" (١).
* * *
* قال تعالى: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} النمل: ٢٨.
يُشرَعُ كتابةُ الحاكمِ المسلِمِ إلى ملوكِ البُلْدانِ ورؤوسِ الناسِ غيرِ المُسلِمينَ، ودعوتُهم إلى الإسلامِ؛ وهذا أعظَمُ مهمَّاتِ صاحبِ الولايةِ: حِفْظُ الدِّينِ على الناسِ، ونشرُهُ وتبليغُه؛ لأنَّه ينوبُ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك.
ولا يجوزُ للحاكمِ أن تَختَصَّ صِلاتُهُ ومكاتَبَاتُه مع الأُمَمِ والدولِ غيرِ المسلمةِ بالمَصَالِحِ الدُّنيَوِيَّةِ كالاقتصادِ والأنظمةِ، ويَتْرُكَ الأعظَمَ، وهو دَعْوَتُهم إلى الإسلامِ، ولو كانتِ الدعوةُ تقومُ بغيرِه؛ لأنَّ قيامَهُ بهذه المهمةِ تعظيمٌ لها، وهيَ مهمةُ الخُلَفاءِ الأُولى؛ فالمُكاتَبةُ منه لها أثرٌ على
(١) "أحكام القرآن" لابن العربي (٣/ ٤٨٢).