ذلك فُيستحَبُّ؛ لأنَّ الصلاةَ الواحدةَ تُسقِطُ الإيجابَ فيما بَقِيَ، وهو أدنى ما يُمتثَلُ به في الآيةِ، ويُستحَبُّ أنْ تكونَ الصلاةُ عندَ أولِ ذِكْرٍ له؛ حتى لا يَتَّكِلَ منَ ينشغِلُ ذهنُهُ ويَغفُلَ عما بَقِيَ مِن ذِكْرِه، وقد لا يُذكَرُ في المَجْلِسِ إلَّا مرةً، والكمالُ لأهلِ الكمالِ هو الصلاةُ عليه عندَ كلِّ ذِكْرٍ له -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقد قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: (رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ) (١)، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (البَخِيل الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ) (٢)؛ رواهُما التِّرمذيُّ.
وتصحُّ الصلاةُ على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأيِّ لفظٍ، مختصَرًا كان أو مطوَّلًا، وأفضلُ أنواعِها الجمعُ بينَ الصلاةِ والتسليمِ؛ لظاهرِ الآيةِ: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، فيُقالُ مختصرًا: (عليه الصلاةُ والسلامُ)، أو (صلى اللَّه عليه وسلم)، وأتَمُّ أنواعِ الصلاةِ: الصلاةُ الإبراهيميَّةُ.
* * *
* قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٥٩)} الأحزاب: ٥٩.
لمَّا جاء الخِطابُ السابقُ خاصًّا بأُمَّهاتِ المؤمنينَ، ويَشترِكُ في أصلِ الحُكْمِ عامَّةُ المؤمناتِ، جاء اللَّهُ بخِطابٍ للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يبيِّنُ حاجةَ جميعِ نساءِ المؤمنينَ إلى ذلك؛ حتى لا تُظَنَّ خَصُوصيَّةُ نساءِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- باللِّباسِ.
قال تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}:
(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢٥٤)، والترمذي (٣٥٤٥)؛ من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه الترمذي (٣٥٤٦)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٨٠٤٦)؛ من حديث عليٍّ -رضي اللَّه عنه-.