مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} البقرة: ٨٣، وقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} النساء: ٣٦، وقال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الأنعام: ١٥١، وتقدَّم الكلامُ في بِرِّ الوالدَينِ وفضلِهِ فيما سبَقَ مِن الآياتِ.
وقولُه تعالى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا}؛ يعني: على كُرْهٍ وشدةٍ وألمٍ، وقدَّم اللَّهُ الأُمَّ وخَصَّها بالذِّكْرِ؛ لِفَضْلِها وتقدُّمِ حقِّها على حقِّ الأبِ بالإجماعِ، وفي هذا يقولُ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كما رواهُ أحمدُ: "أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاَك، ثُمَّ أَدْنَاكَ فَأَدْنَاكَ" (١).
وفي "الصحيحَيْنِ" عن أبي هريرةَ؛ قال: قال رجلٌ: يا رسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاس بِحُسنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: (أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ) (٢).
أكثَرُ الحملِ والرَّضَاعِ وأقَلُّهُ:
وفي قولِهِ تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} إشارةٌ -لا صريحُ عبارةٍ- إلى أنَّ أقلَّ الحملِ ستةُ أشهُرٍ؛ وذلك أنَّ اللَّهَ جعَلَ مدةَ الرَّضَاعِ حولَيْنِ؛ كما في قولِهِ تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} البقرة: ٢٣٣؛ وذلك أنَّ اللَّهَ جعَلَ الحملَ والرَّضَاعَ ثلاثِينَ شهرًا، والحَوْلانِ أربعةٌ وعشرونَ منها، وبَقِيَ ستةُ أشهُرٍ.
ورُوِيَ الاستدلالُ لذلك عن عمرَ وعثمانَ وعليٍّ وابنِ عبَّاسٍ؛ فقد رَوَى ابنُ أبي حاتمٍ، عن أبي الأسودِ الدِّيَلِيِّ؛ أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ رُفِعَتْ
(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢٢٦).
(٢) أخرجه البخاري (٥٩٧١)، ومسلم (٢٥٤٨).