ممَّا أصابُوهُ منهم؛ رُوِيَ هذا عن ابنِ عبَّاسٍ ومسروقٍ والزُّهْريِّ وجماعةٍ (١).
* * *
* قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الممتحنة: ١٢.
كان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُبايعُ النِّساءَ كما يُبايعُ الرِّجالَ، وكان يُشْرِكُهُنَّ مع الرِّجالِ ببعضِ ألفاظِ البَيعْةِ، وكان يَخُصُّهُنَّ ببعضِ الألفاظِ التي تتعلَّقُ بهنَّ، مع اشتراكِ الجنسَيْنِ في عامَّةِ المحرَّماتِ؛ ولكنَّه قد يَغلِبُ على جنسٍ الوقوعُ في محرَّمِ ويضعُفُ عندَ الآخَر، فأمَرَ اللَّهُ نبيَّه أنْ يُبايعَ النساءَ على عدمِ السرقةِ والزِّنى، وعدمِ قتلِ الأولادِ مِن إملاقٍ أو مِن حياءٍ، ومَنْعِهِنَّ مِن كلِّ بُهْتانٍ ظاهرٍ وخفيٍّ.
وكانتْ عادةُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه يُصافِحُ مَنْ بايَعَهُ، إلَّا أنَّه لم يُصافِحِ النساءَ، ولم يَجْعَلْ رجلًا يُصافِحُهُنَّ عنه.
وقد ذكَرَ بعضُهم أنَّه صافَحَهُنَّ بحائلٍ، وبعضُهُمْ ذكَرَ أنَّه أَوكَلَ المصافحةَ لِعُمَرَ، وهدا منكَرٌ ليس له أصلٌ، وقد كان يقولُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إِنِّي لا أُصَافِحُ النِّسَاءَ) (٢).
وقد رَوَى البخاريُّ، أنَّ عائشةَ زوجَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبَرَتْ: أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ
(١) "تفسير الطبري" (٢٢/ ٥٩١ - ٥٩٣)، و"تفسير ابن كثير" (٨/ ٩٥).
(٢) أخرجه أحمد (٦/ ٣٥٧)، والنسائي (٤١٨١)، وابن ماجه (٢٨٧٤).