يكنْ بعيدًا عنها لو خرَجَ ماشيًا بعدَ سماعِهِ الأذانَ لم يُدرِكْها.
وأمَّا تقييدُ وجوبِ حضورِ الجُمُعةِ لِمَنْ هم في أطرافِ المدينةِ بخروجِهم إلى الصلاةِ وعَوْدَتِهم قبلَ مَغِيبِ الشمس، فلا يثبُتُ في ذلك شيءٌ، وقد جاء فيه مِن حديثِ أبي هريرةَ مرفوعًا: (الجُمُعَةُ عَلَى مَنْ آوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى أَهْلِهِ)، رواهُ الترمذيُّ، وأنكَرَهُ أحمدُ جِدًّا (١)، ورُوِيَ نحوُه مِن مُرسَلِ أبي قِلَابةَ، وأنكَرَهُ حمادُ بن زيدٍ (٢).
وفي الترمذيِّ؛ أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأمُرُ أهلَ قُبَاءَ بشهودِ الجُمُعةِ معه (٣)، ولا يصحُّ؛ للجهالةِ فيه.
ومِن مُرسَلِ الزُّهْريِّ: أنَّهم كانوا يَشْهَدونَ الجُمُعةَ مع النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِن ذي الحُلَيفَةِ؛ رواهُ ابنُ أبي شَيْبةَ (٤)، ومراسيلُه ضعيفةٌ.
وقد جاءت أحاديثُ في تعيينِ مَن تجبُ عليه ومَن لا تجبُ، وليس في ذلك شيءٌ يثبُتُ، إلَّا أنَّ عملَ الصحابةِ والتابعينَ بيِّنٌ في ذلك ولو لم يصحَّ الخبرُ، وقد سُئِلَ أحمدُ بن حنبلٍ: على مَن تجبُ الجُمُعةُ؟ فلم يذكُرْ في ذلك شيئًا (٥)، وعدمُ ذِكْرِهِ لشيءٍ في مِثلِ هذه المسألةِ المشهورةِ دليلٌ على عدمِ صحةِ الأحاديثِ التي تُسمِّي أهلَ الوجوبِ عندَهُ وغرابتِها.
حُكْمُ الجُمُعةِ للمسافرِ:
ولا تجبُ على المسافرِ ولو مَرَّ على قريةٍ يُصلِّي أهلُها الجُمُعةَ، فإِنْ
(١) أخرجه الترمذي (٥٠٢).
(٢) ينظر: "تهذيب الكمال" (٢٨/ ١٤٥ - ١٤٦)، و"البدر المنير" (٤/ ٥٩٣).
(٣) أخرجه الترمذي (٥٠١).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥٠٨٦).
(٥) "سنن الترمذي" (٥٠٨٦)