وقد جاء في "الصحيحَيْنِ"، عن حُذَيْفةَ -رضي اللَّه عنه-، قال: قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ) (١).
وعن ابنِ عبَّاسٍ -رضي اللَّه عنهما-؛ أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَرَّ بقبرَيْنِ، فقال: (أَمَا إِنَّهُمَا ليُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا، فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الْآخَرُ، فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ ينْ بَوْلِهِ) (٢).
وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمْ؟ )، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: (فَشِرَارُكُمُ المُفْسِدُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ، المَشَّاؤُونَ بِالنَّمِيمَةِ، الْبَاغُونَ الْبُرَآءَ الْعَنَتَ) (٣).
* * *
* قال اللَّه تعالى: {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (١٧) وَلَا يَسْتَثْنُونَ} القلم: ١٧ - ١٨.
ذكَر اللَّهُ حالَ أصحابِ الجَنَّةِ الذين بَخِلُوا بثمرِهم عن الفقراءِ، فقَصَدوا جَنَّتَهم ليَحْصُدوا حَبَّهم ويَصرِمُوا ثَمَرَهم قبلَ قدومِ الفقراءِ إليهم، وحمَلَهُمْ شِدَّةُ شُحِّهم وطمعِهم على الحَلِفِ على ذلك، ونَسُوا أن يَستثنُوا ويقولوا: (إنْ شاء اللَّهُ)؛ اعتمادًا على الأسبابِ، وغاب عن نفوسِهم مسبِّبُها، وهو اللَّهُ، فحَنَّثَهم اللَّهُ فأهلَكَ جَنَّتَهُمْ؛ كما قال تعالى: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} القلم: ١٩ - ٢٠.
وقد قيل: إنَّ الاستثناءَ عندَهم كان تسبيحًا، ولذا قال عن أَوْسَطِهم: إنَّه قال لهم: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ} القلم: ٢٨؛ قاله مجاهِدٌ، والسُّدِّيُّ، وابنُ جُرَيْجٍ (٤).
(١) أخرجه البخاري (٦٠٥٦)، ومسلم (١٠٥).
(٢) أخرجه البخاري (٢١٦)، ومسلم (٢٩٢).
(٣) أخرجه أحمد (٦/ ٤٥٩)، من حديث أسماء بنتِ يزيد.
(٤) "تفسير ابن كثير" (٨/ ١٩٦).