فَضَحِكَ وَقَالَ: (وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ ! خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ) (١).
وجاء التَّفلُ مع القراءةِ في أحاديثَ، وجاء التفلُ بدونِ القراءةِ، وجاءتِ القراءةُ بدونِ تَفْلٍ ولا نَفْثٍ ولا نفخٍ، ولكنْ لا يُتبرَّكُ بِرِيقِ أحدٍ وحدَهُ بلا قراءةٍ إلَّا النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وثَمَّةَ فرقٌ بين النَّفْثِ والتَّفْلِ والنَّفْخِ؛ فالنَّفْثُ: ما كان الأصلُ فيه الهواءَ، والرِّيقُ فيه تبَعٌ، وأمَّا التَّفْلُ: فما كان فيه إخراجُ الرِّيقِ، والهواءُ فيه تبَعٌ، وأمَّا النَّفْخُ: فهو إخراجُ الهواءِ بلا رِيقٍ.
وقد كَرِهَ بعضُ السلفِ النفثَ والتفلَ في الرُّقْيةِ؛ كعِكْرِمةَ وجماعةٍ مِن العراقيِّين، وبعضُهم يَكْرَهُ النفثَ، ويُجيزُ النفخَ؛ كالأَسْوَدِ؛ ولكنَّ السُّنَّةَ صريحةٌ في مشروعيَّةِ ذلك.
حُكْمُ التداوي مِن المرضِ:
والآية دالَّةٌ على جوازِ التداوي بالمُبَاحِ مِن المرضِ بلا خلافٍ؛ وإنَّما الخلافُ عندَهم في التفاضُلِ بينَ تَرْكِه وفِعْلِه:
وجمهورُ العلماءِ: على أنَّ التداويَ مباحٌ.
وذهَبَ الشافعيَّةُ -وهو قولُ جماعةٍ مِن أصحابِنا أصحابِ أحمدَ؛ كابنِ عَقِيلٍ وأبي الفَرَجِ-: أنَّه مستحَبٌّ، وقد سأل الصحابةُ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن التداوي؟ فقال: (تَدَاوَوْا؛ فَإِنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ؛ الْهَرَمُ) (٢).
وجمهورُ الأصحاب: على أنَّ تَرْكَ التداوي أفضَلُ؛ وذلك لأنَّه أحفَظُ للتوكُّلِ على اللَّهِ.
(١) أخرجه البخاري (٥٧٣٦)، ومسلم (٢٢٠١).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٢٧٨)، وأبو داود (٣٨٥٥)، والترمذي (٢٠٣٨)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٧٥١١)، وابن ماجه (٣٤٣٦).