مشروعيَّةُ دعاء الصائم عند فطْرِهِ:
وأخذَ بعضُهم مِن هذه الآيةِ: مشروعيَّةَ الدعاءِ عندَ الفِطْرِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى ذكَرَ الدعاءَ بعدَ ذِكْرِ أحكامِ الصيامِ والفِطْرِ، والدعاءُ عندَ الفِطْرِ مستفيضٌ مشتهِرٌ في عملِ السلفِ، وقد جاءتْ فيه أحاديثُ مرفوعةٌ لا يخلو أكثرُها مِن ضَعْفٍ.
روى الطَّبَرانيُّ؛ من حديثِ داودَ بنِ الزِّبْرِقانِ، عن شُعْبةَ، عن ثابتٍ، عن أنَسِ بنِ مالكٍ؛ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقولُ: (اللَّهُمَّ، لَكَ صُمْتُ، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ) (١)، وداودُ متروكُ الحديثِ.
ورواهُ الطبرانيُّ والدَّارَقُطْنيُّ؛ مِن حديثِ عبدِ الملكِ بنِ هارونَ بنِ عنترةَ، عن أبيه، عن جَدِّه، عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ؛ قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: إذا أفطَرَ، قال: (اللَّهُمَّ، لَكَ صُمْنَا، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْنَا، فَتَقَبَّلْ مِنَّا؛ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٢).
وعبدُ الملكِ بنُ هارونَ بنِ عنترةَ منكَرُ الحديثِ.
وجاء عندَ أبي داودَ في "المراسيلِ"، و"السنن"، ورواهُ البيهقيُّ أيضًا؛ مِن حديثِ حُصَيْنٍ، عن مُعاذِ بنِ زُهْرةَ، وهو مِن التابعينَ، مُرسَلًا، عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ وهو مرسلٌ صحيحٌ (٣).
وأمثَلُ شيءٍ: ما رواهُ أبو داودَ في "السُّننِ"؛ مِن حديثِ الحُسَيْنِ بنِ واقدٍ، عن مروانَ بنِ سالمٍ المقفَّعِ، عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، مرفوعًا: (ذَهَبَ
(١) أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٧٥٤٩) (٧/ ٢٩٨)، و"المعجم الصغير" (٩١٢) (٢/ ١٣٣).
(٢) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٢٧٢٠) (١٢/ ١٤٦)، والدارقطني في "سننه" (٢٢٨٠) (٣/ ١٥٦).
(٣) أخرجه أبو داود في المراسيل (٩٩) (ص ١٢٤)، و"السنن" (٢٣٥٨) (٢/ ٣٠٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٢٣٩).