ويكفي في إيجابِ النِّيَّةِ في الأعمالِ قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) (١)؛ أيْ: إنَّما قَبُولُ الأعمالِ أو رَدُّها يكونُ بالنِّيَّةِ.
وقد اختَلَفُوا في صومِ النافلةِ، والصوابُ: جوازُ نيتِهِ مِن النهارِ؛ لحديثِ عائشةَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُصبِحُ مُمْسِكًا فإنْ لم يَجِدْ طعامًا، أَتَمَّ (٢).
واختَلَفُوا في النيةِ؛ هل هي واجبةٌ لكلِّ ليلةٍ من رمضانَ، أم تكفي نيةٌ واحدةٌ له كلِّه؛ وهما روايتانِ في مذهبِ أحمدَ:
أُولاهما: يُجزِئُ لصيامِ رمضانَ نيةٌ واحدةٌ؛ وهذا هو المشهورُ عندَ المالكيَّةِ، وعليه جماعةٌ من السَّلفِ.
ثانيتُهما: وجوبُ النيةِ لكلِّ ليلةٍ.
ويكفي المسلِمَ أن يَعْلَمَ أنَّ غدًا رمضانُ، ويريدَ صومَهُ، والأصلُ صيامُهُ له؛ فبعلمِهِ وإرادتِهِ يكونُ قد نَوَى.
وقولُهُ: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}:
ذكَرَ الاعتكافَ بعدَ حُكْمِ الصيامِ؛ لأنَّ غالِبَ الاعتكافِ يكونُ في رمضانَ، في عَشْرِهِ أو عِشْرينِهِ الأخيرةِ؛ حتَّى لا يَظُنَّ ظانٌّ أنَّ إطلاقَ حِلِّ إتيانِ النساءِ في ليلِ الصيامِ يدخُلُ فيه المعتكِفُ، فالمعتكِفُ يحرُمُ عليه مباشَرَة المرأةِ ما دام معتكِفًا، ولو كان في غيرِ رمضانَ أو كانَ غيرَ صائِمٍ؛ لأنَّ العِلَّةَ في ذلك الاعتكافُ؛ ولذا قال: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ}؛ يعني: حالَ اعتكافِكم.
روى ابنُ جريرٍ وابنُ أبي حاتمٍ، عن عليِّ بنِ أبي طَلْحةَ، عن
(١) أخرجه البخاري (١) (١/ ٦)، ومسلم (١٩٠٧) (٣/ ١٥١٥).
(٢) أخرجه مسلم (١١٥٤) (٢/ ٨٠٨).