عطاءٌ باللهِ، ما يَحِلُّ للناسِ أن يَغْزُوا في الشهرِ الحرامِ، ولا أنْ يُقاتِلوا فيه، وما يُستَحَبُّ.
قال: ولا يَدْعُونَ إلى الإسلامِ قبلَ أن يُقاتِلوا، ولا إلى الجِزْيةِ؛ تَرَكُوا ذلك (١).
وقال أبو إسحاقَ الفَزَارِيُّ: "سألتُ سُفْيانَ الثَّوْريَّ عنِ القتالِ في الشهرِ الحرامِ؟ فقال: هذا منسوخٌ؛ فلا بأسَ بالقتالِ فيهِ وفي غيرِهِ" (٢).
والإجماعُ انعقَدَ، والعمَلُ مَضَى على خلافِهِ.
روى عبدُ الرَّزَّاقِ وابنُ جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ، عن مَعْمَرٍ، عنِ الزُّهْريِّ؛ قال: "كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فيما بلَغَنا يحرِّمُ القتالَ في الشهرِ الحرامِ، ثمَّ أُحِلَّ بعدُ" (٣).
وقال بالنسخِ مِن مفسِّري السلفِ: ابنُ عبَّاسٍ، ومحاهِدٌ، وقتادةُ، وعطاءُ بنُ مَيْسَرةَ، والضَّحَّاكُ، وحبيبُ بنُ أبي ثابتٍ، وعبدُ الرحمنِ بنُ زَيْدٍ.
* * *
قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} البقرة: ١٩٥.
الخِطَابُ يتوجَّهُ إلى عمومِ مَن مَلَكَ مالًا؛ أن يبادِرَ بالنفقةِ في سبيلِ اللهِ، وخصَّ سبيلَ اللهِ، وهو صِراطُهُ المستقيمُ؛ أيِ: الطريقُ البَيِّنُ الذي لا لَبْسَ فيه، فيَجِبُ التحذيرُ مِنَ النفقةِ للرَّايَاتِ الجاهليَّةِ، والحميَّةِ النفسيَّةِ المجرَّدةِ مِن الدفاعِ عن حُرْمةٍ، ومِن الذَّبِّ عن دينِ اللهِ.
(١) "تفسير الطبري" (٣/ ٦٦٣).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (٢/ ٣٨٥).
(٣) "تفسير عبد الرزاق" (١/ ٨٨)، و"تفسير الطبري" (٣/ ٦٦٣)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٢/ ٣٨٤).