الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}؛ يَقولُ: "مَنْ أحرَمَ بحَجٍّ أو بعُمْرةٍ، فليس له أنْ يَحِلَّ حتَّى يُتِمَّها، تمامُ الحَجِّ: يومَ النَّحْرِ إذا رَمَى جَمْرةَ العَقَبةِ، وزارَ البيتَ، فقد حَلَّ مِن إحرامِهِ كُلِّه، وتمامُ العُمْرةِ: إذا طافَ بالبيتِ وبالصَّفا والمروةِ فقد حَلَّ" (١).
وروى ابن أبي شَيْبَةَ، وابنُ جريرٍ، والبيهقيُّ، عن عبدِ اللهِ بنِ سَلَمةَ، عن عليٍّ؛ أنَّه قال: جاءَ رَجُلٌ إلى عليٍّ، فقال له في هذه الآيةِ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}: "أن تُحرِمَ مِن دُوَيْرةِ أهلِكَ" (٢).
وروى ابنُ جريرٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، قال: "مِن تَمَامِ العُمْرةِ: أن تُحرِمَ مِن دُوَيْرةِ أَهْلِكَ" (٣).
وعن طاوسٍ؛ قال: "تَمامُهما: إفرادُهما مُؤْتَنَفَتَيْنِ مِن أهلِكَ" (٤).
والمرادُ: أن يقومَ الإنسانُ بإنشاءِ القصدِ والعزمِ للحَجِّ والعُمْرةِ؛ كلُّ واحدٍ منهما بسَفَرٍ مِن بلَدِهِ الذي يسكُنُهُ، الحَجُّ بِسَفْرةٍ منفرِدةٍ، والعُمْرةُ بِسَفْرةٍ منفرِدةٍ، ويَبدَأُ القصدَ مِن دُوَيْرةِ أهلِه؛ قالَهُ سُفْيانُ الثَّوْريُّ وغيرُهُ.
وليس المرادُ أن يُحرِمَ بالحَجِّ والعُمْرةِ مِن بَيْتِه، ولو كان قبلَ المواقيتِ، فيُمسِكَ مِن بَيْتِه عنِ المحظوراتِ؛ فهذا خلافُ السُّنَّةِ؛ لأنَّ إنشاءَ الإحرامِ شيءٌ، وقَصْدَهُ شيءٌ آخَرُ؛ فمَن خرَجَ مِن دِمَشْقَ أو بَغْدادَ أو مِن نَجْدٍ قاصدًا للحجِّ أو العمرةِ، فقد أتمَّ القصدَ.
وقولُهُ في الأَثَرِ عن عليٍّ وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: "أن تُحرِمَ بها مِن دُوَيْرةِ
(١) "تفسير الطبري" (٣/ ٣٢٨).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٢٦٨٩) (٣/ ١٢٥)، والطبري في "تفسيره" (٣/ ٣٢٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ٣٠).
(٣) "تفسير الطبري" (٣/ ٣٣٠).
(٤) "تفسير الطبري" (٣/ ٣٣٠).