قال به جابرٌ وابنُ عباسٍ وأصحابُهُ كعطاءٍ وطاوسٍ ومجاهدٍ (١).
وقولُ ابنِ عباسٍ فيه: "مِن السُّنَّةِ ألَّا يُحرِمَ بالحَجِّ إلا في أشهرِ الحجِّ"؛ رواهُ ابنُ مَرْدَوَيْهِ.
وفي لفظٍ عنه: "لا ينبغي لأحدٍ أنْ يُحرِمَ بالحجِّ إلا في شهورِ الحجِّ" (٢).
وسُئِلَ جابرٌ: "أيُحرَمُ بالحجِّ في غيرِ أشهرِ الحجِّ؟ قال: لا".
رواهُما الشافعيُّ (٣).
والعِبْرةُ في فرضِ الحجِّ بعَقْدِ النِّيَّةِ فيه؛ لأنَّ العملَ لا بدَّ أنْ يكونَ في أشهُرِه، ومَن عقَدَ نيةَ الحجِّ في آخِرِ يومٍ مِن رمضانَ قبلَ غروبِ الشمسِ: لم يَفرِضْهُ في أشهرِ الحجِّ؛ وهذا قولُ جابرٍ مِن الصحابةِ، ولا مخالفَ له، ومِثلُ هذا مَن عقَدَ النيةَ قبلَ غروبِ شمسِ آخِرِ يومٍ مِن شعبانَ للعمرةِ: لم تكنْ عُمرتُهُ في رمضانَ ولو كان عَمِلَها فيه.
وقولُه: {فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} دليلٌ على وجوبِ إتمامِ الحجِّ بمجردِ الدخولِ فيه؛ وهذا كقولِهِ تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} البقرة: ١٩٦؛ فسمَّى الدخولَ في الحجِّ فرضًا.
والمرادُ بالفرضِ عَقدُ نيةِ النُّسُكِ على الصحيحِ؛ وهو قولُ أكثرِ السلفِ؛ كابنِ عباسٍ وعطاءٍ وإبراهيمَ، ورُوِيَ عن بعضِ السلفِ: أنَّ الفرضَ هنا التلبيةُ؛ وهو قولُ طاوسٍ والقاسمِ بنِ محمدٍ، والتلبيةُ سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ على الصحيحِ، وعلامةٌ ظاهرةٌ لفرضِ النُّسُكِ، وليستْ هي فرضَهُ، فيدخُلُ بالنيةِ ولو لم يُلَبِّ، ولا يدخُلُ بالتلبيةِ إذا لم يَنْوِ، وقد كان بعضُ
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنه" (١٤٦١٧) و (١٤٦١٨) و (١٤٦١٩) (٣/ ٣٢٣).
(٢) "تفسير ابن كثير" (١/ ٥٤١).
(٣) "الأم"؛ للشافعي (٣/ ٣٨٧ ط. رفعت فوزي).