هذه الآية في مواسم الحج، ولكن لو لم يكن معه تجارة كان أخلص (١).
وقولُهُ تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ}.
الإفاضةُ: الانصرافُ مِن عَرَفاتٍ، وقد غَيَّرَ زمانَها أهلُ الجاهليَّةِ، فكانوا يُفِيضُونَ قبلَ غروبِ الشمسِ إذا كانتِ الشمسُ على الجبالِ كأنَّها العمائِمُ، فجعَلَ اللهُ الإفاضةَ بعدَ غروبِ الشمسِ أنْ ينصرِفَ الناسُ إلى مُزْدَلِفَةَ، وهي (المَشْعَرُ الحَرَامُ).
حكمُ الوقوفِ بعَرَفة وزمانُه ومكانُهُ:
والوقوفُ بعَرَفَةَ ركنُ الحجِّ بلا خلافٍ، ويُستحَبُّ النزولُ بعُرَنَةَ قُبَيْلَ عَرَفَةَ بعدَ ارتفاعِ الشمسِ، كما فعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وليستْ عُرَنَةُ مِن عرفةَ، وإنَّما يَبقى فيها ويُصلِّي الظهرَ والعصرَ جَمْعَ تقديمٍ، ثمَّ يدخُلُ عرفةَ، ويخطُبُ الإمامُ الناسَ قبلَ جَمْعِ الصلاتَيْنِ.
ومَن فَاتهُ الوقوفُ بعَرَفةَ ولو ساعةً مِن الليلِ أو النهارِ، فليس له حَجٌّ، ويبدأُ الوقوفُ بها مِن زوالِ الشمسِ يومَ التاسعِ مِن ذي الحِجَّةِ إلى طلوعِ الفجرِ مِن يومِ النحرِ، وهذا وقتُ الوقوفِ العامِّ فاضلُهُ ومفضولُهُ، وأفضلُ الوقوفِ وقوفُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حيث دخَلَ عَرَفةَ بعدَ الزوالِ، ودَفَعَ منها بعدَ غروبِ الشمسِ.
وصحَّحَ أحمدُ في روايةٍ الوقوفَ أيَّ ساعةٍ مِن النهارِ ولو قبلَ الزوالِ، وليلًا ولو قُبَيْلَ فجرِ يومِ النحرِ؛ لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ عُرْوَةَ بنِ مُضَرِّسٍ، وهو بمُزْدَلِفَةَ: (مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي هَذَا المَكَانِ، ثُمَّ وَقَفَ مَعَنَا هَذَا المَوْقِفَ حَتَّى يُفِيضَ الإِمَامُ، أَفَاضَ قَبْلَ ذلك مِنْ عَرَفَاتٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ) (٢).
وحكى بعضُهم الإجماعَ على عَدَمِ صحةِ الوقوفِ قبلَ الزوالِ وحدَهُ، مِن غيرِ وقوفٍ بعدَه ليلًا أو نهارًا.
(١) مسائل أبي داود (١٧٢).
(٢) أخرجه أحمد (١٨٣٠١) (٤/ ٢٦١).