النوعُ الثاني: شروطٌ في العقودِ بينَ الخَلْقِ؛ كالعقودِ على البيوعِ والنكاحِ وشبهِها؛ فهذه يجبُ الوفاءُ بها بالاتِّفاقِ؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} المؤمنون: ٨، والمعارج: ٣٢.
والإخلالُ بشرطٍ مِن شروطِ العقدِ موجبٌ لحقِّ الفسخِ إنْ أرادَ صاحبُ الحقِّ فَسْخَه، وإن أرادَ إجازتَهُ، فله ذلك.
فروى أبو داودَ في "سننِهِ"؛ من حديثِ مَرْوانَ بنِ محمدٍ، عن سليمانَ بنِ بلالٍ، أو عبدِ العزيرِ بنِ محمدٍ، عن كَثِيرِ بنِ زيدٍ، عن الوليدِ بنِ رَبَاحٍ، عن أبي هريرةَ؛ قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (المُسْلِمونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) (١).
ورواهُ البخاريُّ في "صحيحِه"، معلَّقًا بصيغةِ الجزمِ؛ فقال: وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (المُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ) (٢).
وروى الترمذيُّ في "سننِهِ"؛ مِن حديثِ كَثِيرِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ عَوْفٍ المُزَنِيِّ، عن أبيه، عن جدِّهِ؛ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: (الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ؛ إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أحَلَّ حَرَامًا، وَالمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) (٣).
وروى مالكٌ في "الموطَّإِ"؛ قال: أخبَرَني يحيى بنُ سعيدٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ القاسمِ؛ أنَّه سَمِعَ مكحولًا الدِّمَشقيَّ يسألُ القاسمَ بنَ محمدٍ عن العُمْرَى، وما يقولُ الناسُ فيها؟ فقال له القاسمَ: ما أَدْرَكْتُ الناسَ إلا وهم على شروطِهم في أموالِهم، وفيما أَعْطَوْا (٤).
(١) أبو داود (٣٥٩٤) (٣/ ٣٠٤).
(٢) البخاري (٣/ ٩٢).
(٣) الترمذي (١٣٥٢) (٣/ ٦٢٦).
(٤) أخرجه مالك في "الموطأ" (عبد الباقي) (٤٤) (٢/ ٧٥٦).