مقيمًا على الرِّبا لا يَنزِعُ عنه، فحقٌّ على إمامِ المسلِمِينَ أنْ يستتِيبَهُ، فإنْ نَزَعَ وإِلَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ" (١).
ربا الجاهليةِ:
وكانَ رِبَا الجاهليَّةِ الزيادةَ في الأجلِ مع الزيادة بالمالِ؛ قال مجاهِدٌ فِي قولِهِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} البقرة: ٢٧٨؛ قال: "كانوا في الجاهليَّةِ يكونُ لِلرَّجُلِ عِلى الرَّجُلِ الدَّيْنُ، فيقولُ: لَكَ كَذا وكَذا وتُؤخِّرُ عَنِّي، فيؤخِّرُ عَنْهُ" (٢).
وهذا هو المعنى الذي يُشيرُ إليه اللهُ في النهي عنِ الرِّبا في القرآنِ؛ كما في آلِ عِمْرانَ؛ قالَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} ١٣٠، وأشدُّ الرِّبا أكثرُهُ تضعيفًا على الفقيرِ.
وفي الآيةِ: دليلٌ على تحقُّقِ المَسِّ مِن الجِنِّ للإنسِ؛ وفي هذا قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ) (٣).
مسُّ الجِنِّيِّ للإنسيِّ:
والمَسُّ يقَعُ عندَ عامَّةِ أهلِ السُّنَّةِ، ونَصَّ عليه أبو الحَسَنِ الأشعريُّ وطائفةٌ مِن المتكلِّمينَ، ويكونُ ذلك مَسًّا حقيقيًّا للبدنِ، ويُنكِرُ هذا جماعةٌ مِن المتكلِّمينَ؛ كالجُبَّائيِّ، وأبي بكرٍ الرازيِّ، ونفاهُ ابنُ حَزْمٍ وكثيرٌ مِن العَقْلانيِّينَ، ومع ظهورِ آثارِهِ وحالاتِهِ إلا أنَّهم يصرِفونَهُ إلى تخيُّلاتٍ نفسيَّةٍ، وتوهُّماتٍ عقليَّةٍ تَنشَأُ في نفسِ الإنسانِ، ودليلُهُمْ للنفيِ: العقلُ المجرَّدُ، والعقلُ ليس دليلًا يصلُحُ للنفيِ؛ لقصورِ عِلْمِهِ، والعقلُ في
(١) "تفسير الطبري" (٥/ ٥٢)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٢/ ٥٥٠).
(٢) "تفسير الطبري" (٥/ ٣٨)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٢/ ٥٤٨).
(٣) أخرجه البخاري (٢٠٣٩) (٣/ ٥٠).