المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ ! فَذَلِك مِن نُقْصَانِ عَقْلِهَا) (١).
ولمَّا كانتِ الحدودُ تُدرَأُ بالشُّبُهاتِ، والمرأةُ يَعرِضُها النِّسْيانُ في الشهودِ لقولِهِ: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}، والنِّسْيانُ شُبْهةٌ؛ لمْ تَجُزْ شهادةُ المرأةِ في الحدودِ، بل لا تُجزِئُ شهادةُ امرأتَيْنِ مع رجلٍ في غير الأموال؛ ولأنَّ اللهَ يقولُ في حدِّ الزِّنَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} النور: ٤، وهذا عدُد الرجالِ بالاتِّفاقِ.
وعلى هذا جرى العملُ؛ فقد روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن الزُّهْريِّ؛ قال: "مَضَتِ السُّنَّةُ مِن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، والخليفتَيْنِ مِن بعدِهِ: أَلَّا تَجُوزَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ في الحُدُودِ" (٢).
وَيَجْرِي مَجْرَى الأموالِ في جوازِ شهادةِ المرأةِ بها على ما تقدَّمَ: المواريث، والوصايا، والودائعُ، وشبهُها.
وتصحُّ شهادةُ المرأةِ الواحدةِ في الرَّضَاعِ.
وكذلك القابِلةُ - طبيبةُ الولادةِ - لو شَهِدَتْ على شيءٍ رَأتْهُ مِن جِنْسِ المولودِ وحياتِهِ وعدَدِه.
ويجوز إشهادُ النساءِ وَحْدَهُنَّ على ما لا تقومُ فيه بيِّنةٌ إلا بِهِنَّ؛ كما يقَعُ بينَهُنَّ مِن جِرَاحٍ أو سَرِقةٍ في مَجَالِسِهِنَّ في الأَعْرَاسِ والوَلَائِمِ ونحوِها؛ حتَّى لا تَضِيعَ الحقوقُ.
وحكى الاتفاقَ غيرُ واحدٍ أنَّ شهادةَ النِّساءِ على النساءِ في الولادةِ وعيوبِهنَّ جائزةٌ.
اشتراطُ العدالةِ في الشاهِدِ:
ويُشترَطُ في الشاهدِ العَدَالةُ؛ لقولِهِ تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ
(١) أخرجه البخاري (٣٠٤) (١/ ٦٨)، ومسلم (٧٩) (١/ ٨٦).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢٨٧١٤) (٥/ ٥٣٣).