المخاطَبَ لهذا الأمرِ بالجَلْدِ: الإمامُ ومَن نابَ عنه" (١).
روى ابن أبي شَيْبةَ، عن الحسنِ؛ قال: "أربعةٌ إلى السُّلْطانِ: الزكاةُ، والصلاةُ، والحدودُ، والقضاءُ" (٢).
ورُوِيَ هذا عن جماعةٍ مِن السلفِ؛ كعطَاءٍ الخُرَاسانيِّ، وابنِ مُحَيْرِيزٍ (٣).
وهذا في كلِّ حَدٍّ أو تعزيرٍ، ولو كان الضررُ ظاهرًا في حقِّ إنسانٍ بعينِهِ؛ روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن أبي أسامةَ، عن محمدِ بنِ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ؛ قال: "السلطان وليُّ مَن حارَبَ الدِّينَ، وإنْ قتَلَ أخَا امرئٍ أو أباهُ" (٤).
لأنَّ الأمرَ لو وُكِلَ إلى الإنسانِ صاحِبِ الحقِّ أنْ يَستوفيَ بنفسِهِ، لَظَهَرَ البغيُ في الناسِ، ولانتقَمَ أهلُ الجاني الأولِ مِن المقتَصِّ، وتسلسَلَ الأمرُ واتَّسعَتْ دائرةُ الفتنةِ، وقد بيَّنَ سبحانَه أنَّ صاحِبَ الحقِّ قد يَبْغِي فحذَّرَه مِن ذلك، فقال: {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} الإسراء: ٣٣؛ يعني: لا يَتَّخِذْ حقَّه في إقامةِ الحدِّ ذريعةً إلى البغيِ.
وهذا في الحدودِ والقِصَاصِ:
وأمَّا في التعزيراتِ:
فذهَبَ الشافعيُّ إلى أنَّها حقٌّ للإمامِ لا واجبةٌ عليه؛ وعلةُ ذلكَ: أنَّ لوليِّ الأمرِ أن يعفُوَ عن المجرمِ، وأن يعفُوَ عن العقوبةِ لمصلحةٍ يراها، فله إنزالُ العقوبةِ وله عدمُ إنزالِها، والأمرُ يتعلَّقُ بالمصلحةِ العامةِ
(١) "أحكام القرآن" لابن العربي (٣/ ٣٣٤).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٨٤٣٨) (٥/ ٥٠٦).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٨٣٩)، (٢٨٤٤٠) (٥/ ٥٠٦).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٨٤٤١) (٥/ ٥٠٦).