فكان عروةُ بنُ الزبيرِ، وسالمُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، وابنُ سيرينَ: يتَّكِئُونَ على المرافقِ وعليها تصاويرُ.
وهل يُؤخذُ مِن تشريعِ اللهِ لعيسى - عليه السلام - مِن صنعِ الطِّينِ في صورةِ الطيرِ لِيستحيلَ خَلْقًا بأمر اللهِ - جوازُ الرسمِ والتماثيلِ التي تستحيلُ مِن ساعتِها؛ فلا تبقَى ولا تدومُ ولا تُنصبُ؟ - الأظهرُ: جوازُ ذلك للمصلحةِ بتلك القيودِ؛ كصُنْعِ التمثالِ على صورةِ مِن العجينِ أو الطينِ أو الصَّمْغِ أو المطاطِ للتعليمِ ثمَّ إزالتِه؛ كما رُخِّصَ ذلك في لعبِ الأولادِ إذا كانت لا تُنصَبُ؛ بل يَمْتهنُها الصبيُّ، ولا يَحترمُها في العادةِ.
والمخلوقاتُ المُصوَّرة على أربعةِ أنواعٍ:
الأولُ: ما له رُوحٌ ونَفسٌ، وهذا كالإنسانِ، فيَحْرُمُ وضعُ تمثالٍ أو رسمُ صورةٍ له؛ سواءٌ كانت بالنحتِ أو برسمِ القلمِ ونحوِه.
الثاني: ما له نفسٌ بلا روحٍ؛ وذلك كالمخلوقاتِ الحيَّةِ كالزواحفِ والحشراتِ والرخويَّاتِ والقشريَّاتِ والثدييَّاتِ، واختُلِفَ في البهائمِ كالإبلِ والبقرِ والغنمِ والحَمِيرِ والخيلِ: هل لها أرواحٌ أو أنفُسٌ فقط؟ على قولَيْنِ مشهورَيْنِ.
وهذا النوعُ لا يجوزُ أيضًا رسمُه، ولا نحتُ تمثالٍ له؛ لعمومِ الأدلةِ، إلا أنَّه أَخَفُّ مِن النوعِ الأولِ؛ لأنَّ الصورةَ يعظُمُ إثمُها بعظمةِ مضاهاةِ إعجازِ الخالقِ فيها، وإعجازُ الخَلْقِ في الإنسانِ أعظمُ مِن الحيوانِ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)} التين: ٤ , والمضاهاةُ فيه أعظمُ وأشدُّ.
الثالثُ: ما له نموٌّ ولا نفْسَ له ولا روح؛ وذلك كالشجرِ وأشباهِه، كان بريًّا أو بحريًّا.