واليمينُ تنعقدُ مِن الكافرِ وكذا النَّذْر الذي يكون للهِ لا يُشرَك معه أحدٌ به، وهذا قولُ جماعةٍ مِن العلماءِ كالحنابلةِ والشافعية، سواءٌ كان حِنْثُه في يمينِه في كفرِه أو بعدَ إسلامِه؛ وذلك لِما ثبت في "الصحيحِ"، أن عمرَ - رضي الله عنه - نذَرَ في الجاهليةِ أنْ يَعتكِفَ في المسجدِ الحرامِ، فأمَرَه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوفاءِ بَنذْرِهِ, خلافًا لأهلِ الرأيِ كأبي حنيفةَ وغيرِه فلا يرَونَ انعقادَ يمينِ الكافرِ.
ويأتي في يمينِ الكافر مزيدٌ بيانِ في المائدةِ عندَ قولِه تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} المائدة: ١٠٧.
* * *
قال تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٣)} آل عمران: ٩٣
وإسرائيل هو يعقوبُ بن إسحاقَ بنِ إبراهيمَ، وقد نزَلَ به بلاء ومرضُ عِرقِ النَّسَا؛ كما جاءَ عن ابنِ عباس ومجاهدٍ وجماعةٍ، فجعلَ عليه إنْ عافاهُ الله أن يُحرِّمَ على نفسِه العُروقَ (١).
وروى عكرمةُ عن ابن عباس؛ أنَّه كان يقولُ: "حرَّمَ إسرائيلُ على نفسِه زيادةَ الكَبِدِ والكليَتَينِ والشحم، إلا ما على الظهرِ؛ فإن ذلك كان يُقرَّبُ للقُرْبَانِ فتأكلُه النار" (٢).
وتحريمُ هذا مِن إسرائيلَ على نفسِه قبلَ نزولِ التوراةِ وقبلَ مخاطبةِ اللهِ لأهلِ الكتابِ.
(١) "تفسير الطبري" (٥/ ٥٨٤)، و"تفسير ابن المنذر" (١/ ٢٩٠).
(٢) "تفسير ابن المنذر" (١/ ٢٩١).