عن أبي بكرٍ (١).
مخالفةُ الإخوةِ لأمٍّ بقيَّة الإخوة:
والإخوةُ مِن الأمِّ يُخالِفونَ غيرَهم مِن الإخوةِ مِن وُجُوهٍ:
أوَّلُها: أنَّهم يَرِثُونَ مع مَن أَدْلَوْا به؛ وهي الأمُّ.
ثانيها: أنَّ ذُكُورَهم وإناثَهم في الميراثِ سواءٌ؛ فقد رَوى يونُسُ، عن الزُّهريِّ؛ قال "قَضَى عمرُ أنَّ ميراثَ الإخوةِ مِن الأمِّ بينَهم للذَّكَرِ مِثلُ الأُنثى"، قال الزهريُّ: "ولا أرَى عمرَ قَضَى بذلك، حتى عَلِمَ بذلك مِن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذه الآيةِ التي قال اللهُ تعالى فيها: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (٢).
ويستوي الإخوةُ مِن الأمِّ في الميراثِ ذكورًا وإناثًا؛ لأنَّهم يُدْلُونَ بالرَّحِمِ فقط.
ثالثُها: أنَّهم لا يَرِثُونَ إلَّا في الكلالةِ ممَّن مات، وليس له أبٌ ولا فروعٌ، فلا يَرِثُونَ مع الأبِ والأولادِ وأولادِ الأبناءِ.
رابعُها: أنَّهم لا يَزيدونَ في ميراثِهم على الثلُثِ مهما كَثُرُوا.
الإضرارُ بالوصيَّةِ:
وقولُه: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارّ} نهيٌ عن المُضَارَّةِ في الدَّيْنِ والوصيَّة، وقد اختُلِفَ في عمومِ النهيِ عن الإضرارِ؛ لإتيانِه بعدَ جُمَلٍ، فهل يشمَلُها جميعًا أو يختصُّ بآخِرِها؟ :
جمهورُ العلماءِ: على أنَّ الصفةَ إذا جاءتْ عَقِبَ جُمَلٍ، فإنَّها تشمَلُ جميعَها؛ وهو قولٌ مالكٍ والشافعيِّ.
وجعَلَها أبو حنيفةَ وأصحابُه خاصَّةً بالأخيرِ منها؛ وهي الوصيَّةُ.
(١) "تفسير ابن كثير" (٢/ ٢٣٠).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٨٨٨).