ميراث الجَدِّ وحجبُهُ:
والجَدُّ ينزلُ منزلةَ الأبِ في أخذِ جميعِ المالِ عندَ انفرادِه، ويحجُبُ الإخوةَ لأمٍّ، وله السدُسُ مع الابنِ وابن الابن، حكى الإجماعَ ابنُ المُنذِرِ وغيرُه.
وإنَّما الخلافُ في حَجْبِ الجَدِّ للإخوة والأخواتِ وإنزالهِ منزِلةَ الأبِ في ذلك؛ فالإخوةُ يُدْلُونَ بالأبِ، وهو دونَ الجَدِّ، والجدُّ فوقَه؛ ولذا تحرَّجَ الصحابةُ مِن مراثِ الجَدِّ مع الإخوةِ والأخواتِ؛ فقد روى الدارميُّ وسعيدُ بن منصورٍ وغيرُهما، عن عليِّ بن أبي طالبٍ؛ قال: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَقَحَّمَ جَرَاثِيمَ جَهَنَّمَ، فَلْيَقْضِ بَيْنَ الْجَدِّ وَالإخْوَةِ" (١).
وجمهورُ الفقهاءِ: على أنَّ الإخوةَ يَرِثُونَ مع الجَدِّ؛ وهو قولُ مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ والأوزاعيِّ، ورُوِيَ هذا عن عمرَ وعثمانَ وعليٍّ وزيدٍ وابنِ مسعودٍ، ورُوِيَ عن أبي بكرٍ وابنِ عبَّاسٍ وعائشةَ ومعاذٍ خلافُهُ.
واختَلَفُوا في مقدارِ ميراثِ الجَدِّ على أقوالٍ، يأتي ذِكرُها في آيةِ الكَلالةِ مِن آخِرِ سورةِ النِّساءِ بإذنِ اللهِ.
* * *
قال تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} النساء: ١٥ - ١٦.
الشهادةُ على الزِّنى أربعةٌ؛ لهذه الآية، ولقولِه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ
(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٩٠٤٨) (١٠/ ٢٦٢)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣١٢٦٧) (٦/ (٢٦٨)، وسعيد بن منصور في "سننه" (٥٦) (١/ ٦٦)، والدارمي في "سننه" (٢٩٠٢).