السجودِ فيها (١)، وقوَّاهُ غيرُ واحدٍ كالبيهقيِّ وغيرِه (٢).
ولا يلزمُ لسجودِ الشكرِ تكبيرٌ، ولا طهارةٌ، ولا تسليمٌ، ولا يظهرُ كذلك اشتراطُ الاستقبالِ؛ لأنَّه سجودٌ، وليس صلاةً.
* * *
قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٨٤) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ} البقرة: ٨٤، ٨٥.
أخَذَ اللهُ عهدَهُ على بني إسرائيلَ ألَّا يتظالَمُوا فيَبْغِيَ أحدُهم على الآخَرِ بالقتلِ أو الجراحاتِ، أو إخراجِهِ مِن دارِهِ بغيرِ حقٍّ.
الأخوَّةُ الإيمانيَّةُ:
وقولُهُ تعالى: {وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ}؛ يعني: لا تُخرِجُونَ إخوانَكم ممَّن استحَقُّوا منكم الأُخُوَّةَ؛ وهذا يدُلُّ على أنَّ مَن لا يستحِقُّ الأخوَّةَ الإيمانيَّةَ، فليس بأخٍ، فإذا ارتكبَ موجِبًا لقتلِهِ أو إخراجِهِ، قُتِلَ أو أُخرِجَ؛ فمَن يُصِيبُ حَدًّا أو خروجًا عن دينِه، فليس هو مِن أنفُسِكم.
روى ابنُ جريرٍ؛ مِن حديثِ سعيدٍ، عن قتادةَ؛ قولَه: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ}؛ أيْ: لا يقتُلُ بعضُكم بعضًا، {وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ}، ونَفسُكَ يا ابنَ آدَمَ أهلُ مِلَّتِكَ (٣).
(١) "صحيح البخاري" (٤٣٤٩) (٥/ ١٦٣).
(٢) ينظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (٢/ ٣٦٩)، و"معرفة السنن" (٣/ ٣١٦).
(٣) "تفسير الطبري" (٢/ ٢٠٢).