الرَّضاعةِ، وأنَّ حُرْمة الرَّضاعة في النِّكاح كحُرْمة النَّسبِ، وليس الرَّضاعُ رحِمًا؛ لأنَّ من اتَّصلت بواسطته لم تُدْل برحِمٍ؛ وإنَّما برَضاعٍ.
وأدْنى المُحرَّماتِ مِن النَّسَب: كبنات الأخ والأخت أعظم من أعْلى المُحرَّمات من الرَّضاع كالأمِّ من الرَّضاع وإن اشتركن في التحريم؛ لأنَّ أبعد الرَّحِم المُحرَّم أقوى مِن أدني الرَّضاع وأقربه؛ فليس الرَّضاعُ رحِمًا يجب وصلُه، ولا عاقلةً يعقل الدية عنه، ولا يلحَق به نسبٌ، وفي "الصحيح": أنَّ عائشة استأذن عليها عمُّها من الرَّضاع، فلم تأذن له حتى سألَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأمرها بالإذن له بالدخول عليها (١)، وفي هذا دليلٌ على أنَّه لم يدخل عليها ولم تدخل عليه من قبل، فلم ينهها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن قطيعته السابقة؛ لعدم وجوب صلته عليها.
ولذا أخَّر الله أقرب المُحرَّماتِ من الرَّضاع - وهنَّ الأمَّهاتُ - بعد أبعد المُحرَّمات مِن النَّسب، وهنَّ بناتُ الأخ والأخت.
وقولُه تعالى: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} ولا خلافَ في حُرْمة الأخت مِن الرَّضاعةِ.
انتشار حُرْمة الرضاع من الأب والأمِّ:
واتَّفق العلماء في ثبوت مَحْرَميّة الرَّضاع في الأمِّ ومن يُدْلي بها، وأمَّا ثُبُوتُ مَحْرَميّة الرَّضاع للأب ومن يُدْلي بواسطتِه وحده كأب الأب وإخوته وأعمامه وأخواله، فعامَّة السلفِ على ثبوت المحرميَّة للأب ومن في جهتِه كالأُمِّ؛ وبه ثبت الدليل؛ ففي "الصحيح"، عن عائشة؛ أنَّ أخا أبي القُعَيس استأذن عليها، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (ائْذَني لَهُ؛ فإنَّهُ عمُّكِ) (٢).
وأبو القُعَيس زوج المرأة التي أرضعت عائشة.
(١) أخرجه البخاري (٢٦٤٤) (٣/ ١٦٩)، ومسلم (١٤٤٥) (٢/ ١٠٧٠).
(٢) أخرجه البخاري (٤٧٩٦) (٦/ ١٢٠)، ومسلم (١٤٤٥) (٢/ ١٠٦٩).