قال - صلى الله عليه وسلم -: (أَيُّمَا عَنْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيه، فَهُوَ عَاهِرٌ) (١)، وإنْ كانتْ سيِّدةُ الأَمَةِ امرأةً، لا تُزَوِّجُها؛ لأنَّ المرأةَ لا تتولَّى في النِّكاحِ؛ لما في الحديثِ: (لَا تُزَوَّجُ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، وَلَا تُزَوِّجُ المَرْأَةُ نَفْسَهَا؛ فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا) (٢).
إذنُ السيِّد لزواجِ اليتيمة:
ولا خلافَ عندَ العلماءِ أنَّ الأَمَةَ لا تَتزوَّجُ إلا بإذنِ سيِّدِها؛ حتى لا يكونَ ذلك ذريعةً للزِّنى؛ لكثرةِ خروجِ الإماءِ ودخولِهِنَّ في خِدْمةِ أهلِهِنَّ، والعبدُ كالأَمَةِ إذنُهُ بيدِ سيِّدِه؛ لأنَّ نِكاحَهُ يَقتضي انشغالَهُ وحقَّ زوجِهِ عليه، وهذا يُفَوِّتُ حقَّ سيِّدِه، وهو أعظَمُ وآكَدُ؛ وهذا بلا خلافٍ.
حكمُ الزواجِ من الأمةِ:
وإنَّما اختلَفَ العلماءُ في أمرَيْنِ مِن نِكاحِ الإماء في الآية:
الأولُ: عدمُ الاستطاعةِ على نِكاحِ الحُرَّة: هل هو شرطٌ واجبٌ في نِكاحِ الإماءِ؟
الثاني: خوفُ العَنَتِ والزِّنى عندَ عدمِ نِكاحِ الأَمَةِ: هل هو شرطٌ في جوازِ نِكاحِها؟
وهذان الأمرانِ شرطانِ عندَ الجمهورِ في جوازِ نِكاحِ الأَمَة، ورُوِيَ ذلك عن الأئمَّةِ الأربعة، وبه قال عليٌّ وابنُ عبَّاسِ وجابرٌ وعطاءٌ والزهريُّ.
ورُوِيَ عن بعضِ السلفِ ويعضِ أهلِ الرأيِ: جوازُ ذلك مع الكراهة، وأنَّ الشروطَ في نِكاحِ الأَمَةِ في الآيةِ كشرطِ العَدْلِ في التعدُّدِ؛
(١) أخرجه أحمد (١٤٢١٢) (٣/ ٣٠١)، وأبو داود (٢٠٧٨) (٢/ ٢٢٨)، والترمذي (١١١١) (٣/ ٤١١).
(٢) أخرجه ابن ماجه (١٨٨٢) (١/ ٦٠٦).