قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (٣٦)} النساء: ٣٦.
أمَرَ اللهُ بتوحيدِه، ونَهَى عن ضدِّه، وهو الشِّرْكُ، وإذا أمَرَ اللهُ بشيءٍ ونَهَى عن ضدِّه، فهو مِن عظائمِ الأمورِ أو أعظَمُها؛ فالتوحيدُ أعظَمُ مأمورٍ به، والشِّرْكُ أعظَمُ منهيٍّ عنه.
وقرَنَ اللهُ بتوحيدِهِ بِرَّ الوالدَيْنِ والإحسانَ إليهما؛ وهذا كقولِهِ تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الإسراء: ٢٣.
كيف تُعْرَفُ الأوامرُ المؤكَّدةُ والمخفَّفة؟ :
وتُعرَفُ الأوامرُ المتأكِّدةُ على غيرِها بأن يُؤمَرَ بها ويُنهى عن ضدِّها في سياقٍ واحدٍ، ويَلِيها مَرتبةً: أن يُؤمَرَ بها ويُنهى عن ضدِّها في سياقٍ وموضعٍ آخَرَ، ويَلِيها: ما أُمِرَ به ولم يُنْه عن ضدِّه، وهكذا في المنهيَّاتِ: بالنهيِ عن شيءٍ والأمرِ بضدِّه، وهكذا.
ومِن قرائنِ معرفةِ الأوامرِ المتأكِّدةِ على غيرِها؛ معرفةُ عددِ وُرُودِ الأمرِ بها في الشريعةِ؛ فما يُؤمَرُ به في عشَرةِ أحاديثَ آكَدُ ممَّا يُؤمَرُ به في حديثٍ وحديثَينِ وثلاثةٍ، وهكذا في النهيِ؛ لأنَّ تَكْرارَ النهيِ ونَقْلَ الصحابةِ له دليلٌ على أهميَّتِه؛ ولهذا كثيرًا ما ينقُلُ أهلُ العلمِ بالسُّنَّةِ والأثرِ عددَ الأحاديثِ في البابِ إشارةً إلى هذا؛ فيقولُ أحمدُ والشافعيُّ وأضرابُهما: في هذا عشَرةُ أحاديثَ أو خمسةٌ، ونحوَ ذلك.
وإذا اجتمَعَ في الشيءِ أمرانِ، فهو مِن عظائمٍ الدِّينِ:
الأولُ: الأمرُ به والنهيُ عن ضدِّه في سياقٍ واحدٍ.