ومنهم: مَن قيَّدَهُ بمسِّ اليدِ لا بغيرِها مِن البدنِ؛ كالأوزاعيِّ.
وظاهرُ فعلِ ابنِ عمرَ تقييدْهُ بالشهوةِ التي يكونُ معها انتشارٌ، فإنَّه كان يتوضَّأُ مِن القُبْلةِ، وغالبًا ما يكونُ معها شَهْوةٌ، وأمَّا سائرُ المسِّ للمرأةِ، فكثيرٌ، ولو كان يَتوضَّأُ مِن كلِّ مسٍّ، لَذُكِرَ ولم تُخَصَّصِ القُبْلةِ وشِبْهُها.
وروى سالمٌ، عن أبيهِ؛ أنَّه قال: "مَن قَبَّلَ امْرَأتَهُ، أوْ جَسَّهَا بِيَدِه، فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ" (١)، وظاهرهُ جَسُّ الشَّهْوةِ؛ لأنَّه قَرَنَهُ بالقُبْلةِ وما أطلَقَ المسَّ.
ويُفسِّرُ الحُكْمَ المُجمَلَ في الآيةِ - على القولِ بأنَّ اللمسَ هو ما دونَ الجِماعِ - السُّنَّةُ الثابتةُ بأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكُنْ يتوضَّأ مِن لمسِ غيرِ الشهوةِ؛ كما في "الصحيحَيْنِ"؛ من حديث عائشةَ؛ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُصلِّي وهي مُعْتَرِضَةٌ بينَ يدَيْه، فإذا سجَدَ، غَمَزَهَا (٢).
وفي "صحيحِ مسلمٍ": أنَّها تفقَّدَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في ليلةٍ وهو يُصلِّي، فوقَعَت يدُها على قَدَمِهِ وهو ساجدٌ (٣).
ويستدلُّ الشافعيُّ على أنَّ المرادَ بالمسِّ في الآيةِ: مسُّ اليدِ، لا الجنابةُ؛ لأنَّ حُكْمَ الجنابةِ مَضَى أولَ الآيةِ فلا يُكرَّرُ، وهذا يُمكنُ أن يُقالَ عندَ الاشتراكِ في الحُكْمِ في الموضعيْنِ، فالحُكْمُ بينَهما مختلفٌ؛ كما تقدَّمَ.
ومَن استدَلَّ بأنَّ اللمسَ هو مسُّ الجسدِ وليس الجِماعَ، أخذًا مِن
(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (عبد الباقي) (٦٤) (١/ ٤٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١٢٤).
(٢) أخرجه البخاري (٣٨٢) (١/ ٨٦)، ومسلم (٥١٢) (١/ ٣٦٧).
(٣) أخرجه مسلم (٤٨٦) (١/ ٣٥٢).