بقيةُ الجهاتِ: الشَّمَالُ والجَنُوبُ، ولا يمكنُ معرفةُ الشمالِ والجنوبِ إلا بعدَ معرفةِ الشرقِ والغربِ غالبًا، ومطلعُ الشمسِ ومغرِبُها، وكذلك القمرُ: أظهرُ الدلالاتِ للبشربةِ على معرفةِ جهاتِهم.
وقولُه: {وَلِلَّهِ}؛ أيْ: له مُلْكُهما وتدبيرُهما والتصرُّفُ فيهما، وإجراءُ العبادِ عليهما وعلى غيرِهما؛ وهذا كمالُ تصرُّفِ المالكِ في مُلْكِه.
والمَشْرِقُ: كمَسْجِدٍ، وهو موضِعُ طلوعِ الشمسِ، والمَغْرِبُ: عكسُهُ.
التوسعةُ في التوجُّه إلى القبلةِ:
وظاهرُ هذه الآيةِ: التوسعةُ في شأنِ توليةِ الوجهِ إلى القِبلةِ، وقد اختلَفَ العلماءُ في نسخِها وإحكامِها، والحدِّ المرادِ فيها؛ ومجملُ ذلك قولانِ للعلماءِ:
القولُ الأولُ: مِن العلماءِ مَن قال بنسخِها، وأنَّ القِبْلةَ كانتْ موسَّعةً، ثمَّ أُحكِمَ تحديدُها إلى الكعبة.
ورُوِيَ هذا عن ابنِ عباسٍ، وأبي العاليةِ، والحسَنِ، وعطاءٍ، وعِكْرِمةَ، وغيرِهم (١).
روى ابنُ أبي حاتمٍ، عن ابنِ جُرَيْجٍ وعثمانَ بنِ عطاءٍ؛ كلاهُما عن عطاءٍ، عن ابنِ عباسٍ. . . وذكَرَ أنَّها منسوخةٌ بقولِه: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} البقرة: ١٤٩ (٢).
وعطاءٌ هذا هو: الخُراسانيُّ، ولم يَلْقَ ابنَ عباسٍ (٣).
(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٢١٢).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ٢١٢).
(٣) "المراسيل" لابن أبي حاتم (١/ ١٥٦)، و"تهذيب الكمال" (٢٠/ ١١٠).