المَوْتِ؟ )، قَالَت: نَعَمْ، قَالَ: (أَعْتِقْهَا) (١).
وفي "صحيحِ مسلمٍ"؛ مِن حديثِ معاويةَ بن الحَكَمِ؛ أنَّه لمَّا جاءَ بتلكَ الجاريةِ السوداءِ، قال لها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (أَيْنَ اللهُ؟ )، قَالَتْ: فِي السَّمَاء، قَالَ: (مَنْ أَنَا؟ )، قَالَت: أَنْتَ رَسُولُ الله، قَالَ: (أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ) (٢).
وعُلُوُّ اللهِ فرعٌ عن معرفةِ اللهِ ومعرفةِ حقِّه على العبادِ.
وفي قولِه: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} إشارةٌ إلى أنَّ الحُكْمَ في العتقِ للحُرِّ لا للعبدِ، فلا يُعتِقُ عبدٌ عبدًا؛ إذْ إنَّ تحربرَ الرَّقَبةِ في كفَّارةِ القتلِ مِن مالِ القاتلِ، والأصلُ: أنَّ العبدَ لا مالَ له، وهو ومالُهُ لسيِّدِه.
الديةُ ومستحِقُّها:
وفي قولِه تعالى، {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}، وقولِه {إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} دليلٌ على ما تقدَّمَ ذِكْرُهُ: أنَّ الدِّيَةَ حقٌّ لأهلِ المقتول، لا حقٌّ للمقتولِ نفسِه؛ فلا يجبُ أن تُوقَفَ له وتُحبَسَ، ولا أن يُتصدَّقَ بها عنه، فإنْ فعَلَ أهلُهُ مِن أنفسِهم، جازَ، إلَّا أنَّهم لم يُؤمَروا بذلك.
وفي القتلِ الخطأِ لا حَقَّ للمقتولِ على القاتِلِ في الآخِرة، ويكونُ سببُ موتِهِ قدَرًا مَحْضًا بلا اختيارٍ مِن مكلَّفٍ، كمَوْتِهِ بلَدْغةِ الحيَّة، والسُّقوطِ في بئرٍ، أو الابتلاءِ بمرَضٍ مُهلِكٍ، ونحوِ ذلك؛ فإنَّ القاتلَ تَصرَّفَ تصرُّفًا لا اختيارَ له فيه، وهو في حُكْمِ فاقدِ العقلِ؛ كمَن ماتَ ببهيمةٍ، كوَقْصِ النَّاقةِ ولَدْغةِ الحيةِ.
إسقاطُ الديةِ:
وفي قولِه تعالى: {إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} إشارةٌ إلى عِظَمِ استحقاقِ أهلِ القتيلِ للدِّيَةِ، وأنَّها في حُكْمِ المقبوضَةِ، وحُكْمِ المالِ المأخوذِ منهم؛
(١) أخرجه أحمد (١٥٧٤٣) (٣/ ٤٥١).
(٢) أخرجه مسلم (٥٣٧) (١/ ٣٨١).