التتابُعَ مقصودٌ للكفَّارةِ؛ وذلك في حُكْمِ الفِطْرِ مِن النهارِ يُعيدُ صومَ ذلك اليومِ؛ وبهذا القولِ قال جمهورُ الفقهاءِ.
التتابُعُ في صيام كفَّارة القتلِ:
والتتابعُ مقصودٌ في الكفارةِ؛ ولهذا ذكَرَ الصومَ بهذا القيدِ؛ كتَتابُعِ الصَّلاةِ في الرَّكَعاتِ الأربعِ؛ فمَن أفسَدَ آخِرَ ركعةٍ مِنَ الظُّهْر، وجَبَ عليه إعادتُها، وكذلك مَن نذَرَ أَنْ يُصلِّيَ عشرَ ركعاتٍ بتسليمٍ واحدٍ، ثمَّ أفسَدَ آخِرَ ركعةٍ، وجبَ عليه إعادتُها جميعًا، ولو صحَّ مِن الإنسانِ الصلاةُ ركتَتَيْنِ ركعتَيْنِ؛ كما في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ ابنِ عمرَ: (صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى) (١)، فأحدَثَ في إحدى الركعتَيْن، فَسَدَتْ تلك الصلاةُ ولم يَفسُدْ ما فبلَها، ومَن أفسَدَ ركعةَ الوترِ، لم يَفسُدْ قيامُهُ اللَّيْلَ، لأنَّها منفصِلةٌ غيرُ متتابِعةٍ، ولو تتابعَتْ مِن غيرِ سلامٍ، أخَذَ أوَّلُها حُكْمَ آخِرِها؛ فكذلك صيامُ الشهرَيْنِ المتتابعَيْن، فمَن أفسَدَ يومًا منها، أعادَها جميعَها.
الثَّاني: قالوا: لا يُعِيدُ مَن قطَعَ صيامَهُ بفِطْرٍ مِن غيرِ عذرٍ؛ وإنَّما تَكْفِيهِ التوبةُ.
العجزُ عن صيام كفَّارة القتلِ:
ومَن عجَزَ عنِ الصيامِ، فهَل يجبُ عليه بدلَهُ إطعامٌ؟ وقَعَ في ذلك خلافٌ:
مِن العلماءِ: مَن جعَلَ بدَلَ الصيامِ الإطعامَ؛ ككفارةِ الظِّهارِ؛ وهو قولٌ للشافعي وبعضِ أصحابِ مذهبِنا.
وقيلَ: لا بدلَ للصيام، وإنْ سقَطَ، فلا شيءَ عليه؛ وهو الأشبَهُ.
وقال بعضُهم: مَن مات ولم يصُمْ، أُطعِمَ عنه عن كلِّ يومٍ مسكينٌ
(١) أخرجه البخاري (٤٧٢) (١/ ١٠٢)، ومسلم (٧٤٩) (١/ ٥١٦).