أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم، وإن كان أقرب إلى السُّنَّة من المعتزلة".
وأنا فى أثناء قراءتى فى هذا التفسير، رأيت ابن عطية عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية ٢٦ من سورة يونس: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ} .. يقول ما نصه: "قالت فرقة هى الجمهور: الحُسنى: الجنة. والزيادة: النظر إلى الله عزَّ وجَلَّ، ورُوى فى ذلك حديث عن النبى صلى الله عليه وسلم، رواه صهيب، ورُوى هذا القول عن أبى بكر الصِدِّيق، وحُذيفة، وأبى موسى الأشعرى.. ".
ثم يقول: "وقالت فرقة: الحُسنى هى الحسنة، والزيادة هى تضعيف الحسنات إلى سبعمائة، فروتها حسب ما روى فى نص الحديث وتفسير قوله تعالى: {يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ} البقرة: ٢٦١ ..، وهذا قول يعضده النظر، ولولا عظم القائلين بالقول الأول لترجح هذا القول".. ثم يأخذ فى ذكر طرق الترجيح للقول الثانى.
وهذا يدلنا على أنه يميل إليه المعتزلة، أو على الأقل يقدِّر ما ذهبت إليه المعتزلة فى مسألة الرؤية وإن كان يحترم مع ذلك رأى الجمهور. ولعل مثل هذا التصرف من ابن عطية هو الذى جعل ابن تيمية يحكم عليه بحكمه السابق.
* * *
٦- تفسير القرآن العظيم (لابن كثير)
* التعريف بمؤلف هذا التفسير:
مؤلف هذا التفسير، هو الإمام الجليل الحافظ، عماد الدين، أبو الفداء، إسماعيل بن عمرو بن كثير من ضوء بن كثير بن زرع البصرى ثم الدمشقى، الفقيه الشافعى، قَدِم دمشق وله سبع سنين مع أخيه بعد موت أبيه. سمع من ابن الشجنة، والآمدى، وابن عساكر، وغيرهم، كما لازم المزى وقرأ عليه تهذيب الكمال، وصاهره على ابنته. وأخذ عن ابن تيمية، وفُتِن بحبه، وامتُحِن بسببه. وذكر ابن قاضى شهبة فى طبقاته: أنه كانت له خصوصية بابن تيمية، ومناضلة عنه، واتباع له فى كثير من آرائه، وكان يفتى برأيه فى مسألة الطلاق وامتُحِن بسبب ذلك وأُوذِى.
وقال الداودى فى طبقات المفسِّرين: "كان قدوة العلماء والحُفَّاظ، وعمدة أهل المعانى والألفاظ، وَلِىَ مشيخة أم الصالح بعد موت الذهبى - وبعد موت السبكى مشيخة الحديث الأشرفية مدة يسيرة، ثم أُخِذت منه".
وكان مولده سن ٧٠٠ هـ (سبعمائة) أو بعدها بقليل وتوفى فى شعبان سنة ٧٧٤