سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} الشورى: ٤٠ ، {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله} الأنفال: ٣٠ ، {الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ} البقرة: ١٥ .. وكما قال الشاعر:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ونظائر هذا كثير فى كلام العرب. ولما أراد تعالى المبالغة فى وصف ما يفعله به من الثواب والمجازاة على تقربه بالكثرة والزيادة، كَنَّى عن ذلك بذكر المسافة المتضاعفة فقال: باعاً وذراعاً، إشارة إلى المعنى من أبلغ الوجوه وأحسنها.
وقال فى المجلس (٤٥ جـ٣ ص ٤٦-٥٠) ما نصه: إن سأل سائل عن معنى قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} القصص: ٨٨ ، وقوله تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله} الإنسان: ٩ ، وقوله تعالى: {ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجلال والإكرام} الرحمن: ٢٧ .. وما شاكل ذلك من آى القرآن المتضمنة لذكر الوجه.. الجواب: قلنا: الوجه ينقسم فى اللغة العربية إلى أقسام: فالوجه المركَّب فيه العينان من كل حيوان. والوجه أيضاً: أول الشئ وصدره. ومن ذلك قوله تعالى: {وَقَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الكتاب آمِنُواْ بالذي أُنْزِلَ عَلَى الذين آمَنُواْ وَجْهَ النهار واكفروا آخِرَهُ} آل عمران: ٧٢ : أى أول النهار، ومنه قول الربيع ابن زياد:
مَن كان مسروراً بمقتل مالك ... فليأت نسوتنا بوجه نهار
أى غداة كل يوم، وقال قوم: وجه نهار: اسم موضع. والوجه: القصد بالفعل، من ذلك قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله} النساء: ١٢٥ .. وقال الفرزدق:
وأسلمتُ وجهى حين شدَّت ركائبى ... إلى آل مروان بناة المكارم
أى جعلتُ قصدى وإرادتى لهم. وأنشد الفرَّاء:
أستغفر الله ذنباً لستُ محصيه ... رَبُّ العباد إليه الوجِه والعمل
أى القصد، ومنه قولهم فى الصلاة: وَجهَّتُ وجهى للذى فَطَرَ السماوات والأرض: أى قصدتُ قصدى بصلاتى وعملى، وكذلك قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينَ القيم} الروم: ٤٣ ..
والوجه: الاحتيال فى الأمر، من قولهم: كيف الوجه لهذا الأمر، وما الوجه فيه، أى الحيلة. والوجه: الذهاب والجهة والناحية. قال حمزة ابن بيض الحنفى:
أى الوجوه انتجعت؟ قلت لهم ... لأى وجه إلا إلى الحكم
متى يقل صاحباً سرادقه ... هذا ابن بيض الباب يبتسم
والوجه: القدر والمنزلة، ومنه قولهم: لفلان وجه عريض، وفلان أوجه مِن فلان، أى أعظم قدراً وجاهاً، ويقال: أوجهه السلطان، إذا جعل له جاهاً. قال امرؤ القيس: