. ناظرات ... إلى الرحمن
وكقول جميل بن معمر:
وإذا نظرتُ إليك من ملك ... والبحر دونك زدتنى نعماً
وقول الآخر:
إنى إليك لما وعدتَ لناظر ... نظر الفقير إلى الغنى الموسر
ونظائره كثيرة..
ومنها أن تحمل "إلى" فى قوله تعالى: {إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} على أنها اسم، فهو واحد الآلاء التى هى النعم، فإن فى واحدها أربع لغات: "إلا" و "ألا" مثل: معى وقفا، و "ألى"و "إلى" مثل جدى وحسى، وسقط التنوين بالإضافة. وقال الأعشى:
أبيض لا يرهب الهزال ولا ... يقطع رحماً ولا يخون إلى
وليس لأحد أن يقول: إن هذا من أقوال المتأخرين وقد سبقهم الإجماع، فإنَّا لا نُسلِّم ذلك، لما ذكرناه من أن علياً ومجاهداً والحسن وغيرهم قالوا: المراد بذلك: تنتظر الثواب.
ومنها: أن لفظ النظر يجوز أن يعدى بـ "إلى" فى الانتظار على المعنى، كما أن الرؤية عديت بـ "إلى" فى قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظل} الفرقان: ٤٥ فأجرى الكلام على المعنى، ولا يقال: رأيت إلى فلان. ومن إجراء الكلام على المعنى قول الفرزدق:
ولقد عجبت إلى هوازن أن أصبحت ... منى تلوذ ببطن أم جرير
فعدى "عجبت" بـ "إلى" لأن المعنى نظرت.
وثانيها: أن معناه: مؤملة لتجديد الكرامة، كما يقال: عينى ممدودة إلى الله تعالى وإلى فلان، وأنا شاخص الطرف إلى فلان.. ولما كانت العيون بعض أجزاء الوجوه أضيف الذى يقع بالعين إليها.. عن أبى مسلم.
وثالثها: أن المعنى: أنهم قطعوا آمالهم وأطماعهم عن كل شئ سوى الله، ورجوه دون غيره، فكنى سبحانه عن الطمع بالنظر، ألا ترى أن الرعية تتوقع نظر السلطان