بل نراهم مختلفين فى قبوله والقول به، كما كان الشأن بين مَن سبقهم من العلماء الأقدمين..
وإذا كنا قد وجدنا من العلماء المحدَثين مَن انحاز إلى هذه الفكرة فى التفسير وتأثر بها فى مؤلفاته، فإنَّا نجد بجوار هؤلاء أيضاً كثرة من العلماء لم ترض عن هذا اللَّون من التفسير، ولم تستسغ أن تشرح به كتاب الله تعالى، ولم تغمض عينها أو تمسك قلمها عن رد هذه الفكرة على أهلها وتناولهم إياها بالنقد والتفنيد.
نجد هذه المعارضة فى كثير من المحاورات والاعتراضات التى وُجِّهَت إلى صاحب الجواهر، وذكرها لنا فى تفسيره.
كما نجد بعض أساتذتنا المعاصرين ينعون على مَن يأخذ بهذه الفكرة ويقول بها، ومن بين هؤلاء أستاذنا الشيخ محمود شلتوت. فقد تناول هذا الموضوع بالبحث فى العدد (٤٠٧) ، (٤٠٨) من السنة التاسعة لمجلة الرسالة. - إبريل سنة ١٩٤١ - وفيه يرد على من يذهب إلى هذا اللَّون من التفسير بحجج قوية واضحة.
وهذا هو الأستاذ الشيخ أمين الخولى يتناول هذا الموضوع فى كتابه "التفسير: معالم حياته. منهجه اليوم"، وفيه يرد على أنصار هذا المذهب فى التفسير بحجج قوية واضحة، استفدنا منها كثيراً فى تأييد ما اخترنا من المذهبين.
وهذا هو المرحوم السيد محمد رشيد رضا. نجده فى مقدمة تفسيره ينعى على مَن تأثروا فى تفسيرهم بنزعاتهم العلمية، فشغلوا تفاسيرهم بمباحث النحو، والفقه، ونكت المعانى، والبيان، والإسرائيليات ... وغير ذلك، ويعد هذا صارفاً يصرف الناس عن القرآن وهَدْيه، ثم ينعى على الفخر الرازى ما أورده فى تفسيره من العلوم الحادثة فى المِلَّة، ويعد هذا صارفاً يصرف الإنسان عن القرآن وهَدْيه، كما يتوجه بمثل هذا اللوم على مَن قلَّد الفخر الرازى فى مسلكه من المعاصرين، وأظنه أراد صاحب الجواهر، وذلك حيث يقول: ".. وقد زاد الفخر الرازى صارفاً آخر عن القرآن، هو ما يورده فى تفسيره من العلوم الرياضية والطبيعية وغيرها، وقلَّده بعض المعاصرين بإيراد مثل هذا من علوم هذا العصر وفنونه الكثيرة الواسعة، فهو يذكر فيما يسميه تفسير الآية فصولاً طويلة - بمناسبة كلمة مفردة كالسماء والأرض -، من علوم الفلك والنبات والحيوان، تصد قارئها عما أنزل الله لأجله القرآن".
وأخيراً.. فهذا هو شيخنا العلامة الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغى - رحمه الله رحمة واسعة - نجده فى تفريظه لكتاب "الإسلام والطب الحديث" لا يرضى عن هذا المسلك فى التفسير، رغم أنه مدح الكتاب وأشاد بمجهود مؤلفه،