قال أبو الفتح: أما قوله: شمع وشمع، فلغتان بلا خلاف. وأما (معز وشعر، ونحوهما مما ثانية حرف من حروف الحلف ففيه اختلاف.
أما أصحابنا فلا فصل عندهم بينه وبين ما ثانيه حرف غير حلقي في أنه ينبغي أن يؤدي كل واحد على ما يسمع، ولا يقاس شيء منهما، فلا فصل بين نشز ونشز، وشعر وشعر فهذان لغتان، كم أن هذين لغتين.
وأما الكوفيون فيفصلون، فيسلمون ما جاء وليس ثانيه حرفا حلقيا كما سمع، ولا يقيسون فيه شيئا، نحو: نشز ونشز. فأما إن كان ثانيه حرفا من حروف الحلق. فإنهم يقيسونه: ويقولون: إن شئت فحرك، وإن شئت فسكن، ويجعلون الأمر في ذلك مردودًا إلى المتكلم.
وقال الفراء في معاني القرآن ٢: ٤٧: «وقرأ بعض قرأئنا (دأبا) فعلا، وكذلك كل حرف فتح أوله وسكن ثانيه فتثقيله جائز، إذا كان ثانيه همزة أو عينا أو غينا أو حاء أو خاء أو هاء ... وقد رجح أبو الفتح مذهب الكوفيين في مواضع متعددة من المحتسب:
في المحتسب ١: ٨٤: «ومن ذلك قراءة سهل بن شعيب التهمي: (جهرة، وزهرة) ...
قال أبو الفتح: مذهب أصحابنا في كل شيء من هذا النحو مما ثانيه حرف حلق ساكن بعد حرف مفتوح أنه لا يحرك إلا أنه على لغة فيه، كالزهرة والزهرة، والنهر والنهر، والشعر والشعر. فهذه لغات عندهم، كالنشز والنشز، والحلب والحلب، والطرد والطرد.
ومذهب الكوفيين فيه أنه يحرك الثاني لكونه حرفا حلقيا، فيجيزون فيه الفتح، وإن لم يسمعوه، كالبحر والبحر والصخر والصخر.
وما أرى القول من يعد إلا معهم، والحق فيه إلا في أيديهم، وذلك أنني سمعت عامة عقيل تقول ذاك، ولا تقف فيه سائغا غير مستكره، حتى لسمعت الشجري يقول: أنا محموم، بفتح الحاء، وليس أحد يدعى أن في الكلام مفعول بفتح