لاعتقادهم أن (ذكرًا) يعد أشد تمييز بعد أفعل التفضيل، فلا يمكن إقراره تمييز إلا بهذه التقادير التي قدرها، وجه إشكال كونه تمييزًا أن أفعل التفضيل إذا انتصب ما بعده فإنه يكون غير الذي قبله، تقول: زيد أحسن وجهًا لأن الوجه ليس زيدًا، فإذا كان من جنس ما قبله انخفض، نحو: زيد أفضل رجل، فعلى هذا يكون التركيب في مثل: اضرب زيدًا كضرب عمر وخالد أو أشد ضرب، بالجر لا بالنصب، لأن المعنى أن أفعل التفضيل جنس ما قبله، فجوزوا إذ ذاك النصب على وجوه:
أحدها أن يكون معطوفًا على موضع الكاف في كذكركم لأنها عندهم نعت لمصدر محذوف، أي ذكرًا كذكركم آباءكم أو أشد، وجعلوا الذكر ذكرًا على وجهة المجاز، كما قالوا: شعر شاعر، قاله أبو علي وابن ج ني.
الثاني: أن يكون معطوفًا على آبائكم قاله الزمخشري .. وهو كلام قلق ..
الثالث: أنه منصوب بإضمار جعل الكون، والكلام محمول على المعنى، التقدير: أو كونوا أشد ذكرًا له منكم لآبائكم. قاله أبو البقاء، وهذا أسهل من حمله على المجاز ..
وجوزوا الجر في (أشد) على وجهين:
أحدهما: أن يكون معطوفًا على ذكركم، قاله الزجاج وابن عطية وغيرهما، فيكون التقدير: أو كذكر أشد ذكرًا ..
الثاني: أن يكون معطوفًا على الضمير المجرور في كذكركم، قاله الزمخشري .. وفي كلام الزمخشري العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجر ..
فهذه خمسة وجوه من الإعراب كلها ضعيف .. وقد ساغ لنا حمل الآية على هذاع المعنى بتوجيه واضح ذهلوا عنه، وهو أن يكون (أشد) منصوبًا على الحال، وهو نعت لقوله ذكرًا لو تأخر، فلما تقدم انتصب على الحال .. ويكون إذ ذاك، أو ذكرًا أشد معطوفًا على محل الكاف من كذكركم فيه فصل بالحال بين حرف