والذئب أخشاه إني مررت به ... وحدي وأخشى الرياح والمطرا
أي وأخشى الذئب، فلما أضمره فسره بقوله (أخشاه).
والآخر: أن يكون الفعل الناصب {سورة} من غير لفظ الفعل بعدها، لكنه على معنى التحضيض، أي اقرءوا سورة، أو تأملوا وتدبروا سورة أنزلناه، كما قال تعالى: {فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها} أي احفظوا ناقة الله.
ويؤنس بإضمار ذلك ظهوره في وقوله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}. فإذا كان تقديره هذا فقوله: {أنزلناها} منصوب الموضع لكونه صفة لسورة، وإذا جعلت {أنزلناها} تفسيرا للفعل الناصب المضمر فلا موضع له من الإعراب أصلا.
وأما قراءة الجماعة: {سورة} بالرفع فمرفوعة بالابتداء، أي فيما ينزل عليكم، وفيما يتلى عليكم سورة من أمرها كذا وكذا، فالجملة بعدها في موضع رفع صفة. المحتسب ٢: ٩٩ - ١٠٠، البحر ٦: ٤٢٧.
وفي معاني القرآن للفراء ٢: ٢٤٣ - ٢٤٤: «ترفع السورة بإضمار {هذه سورة أنزلناها} ولا ترفعها يراجع ذكرها، لأن النكرات لا يبتدأ بها قبل أخبارها، إلا أن يكون ذلك جوابا، ألا ترى أنك لا تقول: رجل قام، إنما الكلام أن تقول: قام رجل، وقبح تقديم النكرة قبل خبرها أنها توصل، ثم يخبر عنها بخبر سوى الصلة فيقال: رجل يقوم أعجب إلى من رجل لا يقوم، فقبح إذا كنت كالمنتظر للخبر بعد الصلة.
وحسن في الجواب لأن القائل يقول: من في الدار؟ فتقول: رجل، وإن قلت: رجل فيها فلا بأس لأنه كالمرفوع بالرد، لا بالصفة.
ولو نصبت السورة على قولك: أنزلناها سورة وفرضناها، كما تقول: مجردا ضربته كان وجها، وما رأيت أحد قرأ به».
وفي الإتحاف: ٣٢٢: «وعن أبي عمرو وابن محيصن من غير طرقنا بالنصب، أي أتلو سورة، وأنزلناها في موضع الصفة».