أي يخبر به فلما كان النبأ مثل الخبر كان أنبأته عن كذا بمنزلة: أخبرته عنه، ونبأته مثل خبرته عنه ونبأته به مثل خبرته به، وهذا يصحح ما ذهب إليه سيبويه من أن معنى نبأت زيدا: نبأت عن زيد فحذف حرف الجر، لأن نبأت قد ثبت أن أصله خبرت فلما حذف حرف الجر وصل الفعل إلى المفعول الثاني فنبأت يتعدى إلى مفعولين أحدهما: يصل إليه بحرف الجر، كما أن خبرته عن زيد كذلك.
وأما ما يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، نحو: نبأت زيدًا عمرًا أبا فلان فهو في هذا الأصل، إلا أنه حمل على المعنى، فعدى إلى ثلاثة مفاعيل، وذلك أن الإنباء الذي هو إخبار إعلام، فلما كان إياه في المعنى عدى إلى ثلاثة مفاعيل، كما عدى الإعلام إليها.
ودخول هذا المعنى فيه وحصول مشابهته للإعلام لم يخرجه عن الأصل الذي هو له من الإخبار، وعن أن يتعدى إلى مفعولين، أحدهما يتعدى إليه بالباء أو عن، نحو:
ونبئهم عن ضيف إبراهيم ١٥: ٥١
فلما نبأت به ٦٦: ٣
كما أن دخول أخبرني في معنى (أرأيت) لم يخرجه عن أن يتعدى إلى مفعولين ... وأما قوله تعالى:
نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ١٥: ٤٩
فيحمل على وجهين:
أحدهما: أن يكون نبئ بمنزلة أعلم، ويكون (أني أنا الغفور الرحيم) قد سد مسدهما، في موضع جر عند الخليل ونصب عند غيره، وأما قوله تعالى:
قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم ٣: ١٥
فإن جعلت اللام متعلقة بأنبئكم جاز الجر في جنات على البدل من خير، وإن جعلته صفة خبر جاز الجر في جنات وإن جعلتها متعلقة بمحذوف لم يجز في جنات.